+ A
A -
في تطور احتفل به كثيرا رواد مواقع التواصل الاجتماعي وجهت الولايات المتحدة الأميركية ورئيسها الجديد دونالد ترامب تهديدات فضفاضة ضد إيران متهما إياها بتحويل العراق إلى ساحة من ساحات النفوذ الاقليمي. التهديدات الأميركية الجديدة تشمل كذلك البرنامج النووي الإيراني والاتفاق المبرم بين إدارة أوباما وطهران كما تشمل عقوبات بمنع سفر الإيرانيين إلى الولايات المتحدة وهو القرار الذي شمل ما يقارب سبع دول إسلامية.
التهديدات الإيرانية ليست جديدة بل تكاد تكون نغما مألوفا منذ «الثورة الخمينية «في أواخر السبعينات حيث دأبت إيران وأميركا على تراشق التهم بين «محور الشر «و»الشيطان الأكبر». فخارج السياق اللفظي والكلامي للتراشق الأميركي الإيراني لا يسجل تاريخ العلاقات بين البلدين أية مواجهة تذكر في حين نفذت الولايات المتحدة الأميركية حروبا متتالية في المنطقة العربية ودمرت دولة العراق وسلمتها للفوضى والإرهاب والتقاتل الطائفي.
من جهة أخرى كانت إيران هي المستفيد الأساسي من كل الحروب التي شنتها الولايات المتحدة في المنطقة العربية أو عبر تدخلاتها في المنطقة سواء في اليمن أو في سوريا أو في لبنان. فالجميع يعلم اليوم أن العراق قد سُلّم لإيران بعد الغزو الأميركي وأن قوات الحرس الثوري هي المسيطر الأساسي على المدن العراقية وعلى الحياة السياسية بما فيها الحكومة والبرلمان. لكن في المقابل لم تكن المواجهة بين طهران وواشنطن غير فصول من الحرب الكلامية التي لا تنتهي وهي مواجهة تكاد تخفي تنسيقا غير معلن بين الدولتين حول قضايا المنطقة وخاصة منها ما يخص التمدد الإيراني داخل المنطقة العربية من ناحية والحضور العسكري الأميركي من ناحية ثانية.
فعندما أرادت الولايات المتحدة القضاء على المشروع النووي العراقي قامت بقصف مفاعل تموز وتدمير البنية التحتية العلمية العراقية في حين وقفت عقودا طويلة تندد بالبرنامج النووي الإيراني دون إجراء حقيقي ملموس واكتفت كما هي العادة بطواحين الهواء اللفظية. اليوم تعود التهديدات الأميركية الكلامية إلى الواجهة مع الرئيس الجديد لكنها تسعى هذه المرة وككل مرة إلى أن تكون أشد حدّة من سابقاتها في ظل التغيرات الكبيرة التي تعرفها المنطقة المشرقية من الوطن العربي وقوة الحضور الروسي المنافس للوجود الأميركي خاصة فيما يخص الملف السوري.
نكاد نجزم أن الفصل الجديد من التهديدات والتهديدات المضادة لا يخرج عن كامل المسرحية التي أتقنها الطرفان خلال العقود السابقة والتي حققت عبرها الدولتان مكاسب كبيرة على حساب المنطقة العربية وعلى حساب دولها وتطلعات شعوبها في الحرية والكرامة. لكن في المقابل لا يمكن أن نلقي بالمسؤولية على الآخرين ونغفل أنّ جوهر المأساة العربية إنما يكمن في تشرذم أبنائها وغياب الحد الأدنى من التنسيق العربي العربي من أجل الخروج من حلقة الفوضى المغلقة التي سقطنا فيها.

بقلم : محمد هنيد
copy short url   نسخ
09/02/2017
3962