+ A
A -
حسب البعض فإن إعلانا وفرته إحدى الوزارات الخدمية بإحدى دول مجلس التعاون اعتبره البعض منصفا وبمثابة عقد اتفاق بين المراجع والوزارة، وتأكيدا على أهمية أن يلتزم المراجع حدوده ولا يعتدي على الموظف العام، بينما اعتبره بعض آخر استفزازا وموقفا سالبا من المراجع الذي ليس بالضرورة قابلا لتجاوز القانون. الإعلان حسب ذلك البعض الذي نشر صورته عبر حسابه في «تويتر» ملخصه «تنويه للمراجعين، التعدي على الموظف العام أثناء تأديته وظيفته يعرضك للحبس ثلاثة أشهر أو الغرامة (محددة في الإعلان) أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفقا لما نص عليه قانون الجزاءات (المادة منشورة في الإعلان أيضا)».
لست متأكدا من صحة المعلومة ولكنها في كل الأحوال تفتح بابا يستحق المناقشة حيث يحدث في بعض الأحيان سوء تفاهم بين المراجع والموظف لسبب أو لآخر، وعلى افتراض صحة المعلومة فإن الغالب هو أن وضع الإعلان جاء نتيجة تكرار حالات الاعتداء على الموظفين، فهو يتضمن تحذيرا واضحا للمراجع يقول إن عليك أن تلزم حدودك وتضبط أعصابك وتتعامل مع الموظف العام بالطريقة المعبرة عن الأخلاق وأن تلتزم بالقانون الذي حدد هذه العقوبة لو بدر منك تصرف اعتبر على أنه تعد على موظف عام.
إيقاع الحياة العصرية يؤدي بالبعض إلى الدخول في حالة الغضب سريعا فتجده قد اشتعل من دون سبب قوي، وفي الغالب فإن ما يجعل المراجع في أي مكان متوترا وقابلا للاشتعال هو عدم إنجاز معاملته في الوقت الذي حدد له أو توقعه، وأحيانا لتفسيره رد الموظف أو طريقة رده تفسيرا خاطئا.
حسب من نشر صورة ذلك الإعلان فإن دوائر أخرى في بعض دول مجلس التعاون توصي موظفيها بما ملخصه «عزيزي الموظف، حينما تجد عميلا عصبيا سريع الغضب فتأكد أن ضغطا أو ظرفا أو إجراء قد كسر قلبه جبرا. لذلك التمسوا العذر للعملاء فلا تعلمون ما بداخلهم».
في كل الأحوال فإن الأمرين واردان، الأول بسبب ما صار فيه الإنسان نتيجة تغير إيقاع الحياة وكثرة الضغوطات الحياتية وحدوث مشكلات بين المراجعين والموظفين، والثاني بسبب وجود إداريين يؤمنون بالنظريات الحديثة القائلة بأهمية إيجاد عذر للمراجع الذي يكون غالبا متوترا بسبب ضغوطات الحياة ومعاناته من مشكلات تؤثر سلبا على سلوكه وتعامله مع الآخرين.
دونما شك فإن حالات التصادم بين المراجعين والموظفين اليوم أكثر بكثير من حالات التصادم بين الطرفين قبل عشرين سنة أو حتى عشر سنوات أو أقل، وهذا يؤكد مسألة الضغوطات الحياتية المؤثرة على المراجع الذي هو في النهاية إنسان لا يمتلك في الغالب واسطة تتيح له إنجاز معاملاته في التو والحال وبـ «ذرابة» لا مثيل لها. في رأيي أنه ليس خطأ وضع مثل ذلك الإعلان في قاعات المراجعين بالوزارات الخدمية ولكني لست مع الصيغة التي تتضمن تهديدا. ربما كان الأفضل إيجاد صيغة تحقق حماية الموظف العام ولا تزعج المراجع الذي يظل من حقه الحصول على الخدمات بطريقة سهلة ومريحة.

بقلم : فريد أحمد حسن
copy short url   نسخ
21/02/2017
4427