+ A
A -
أدت المواجهة الأخيرة بين الرئيس الأميركي «المختلف» دونالد ترامب ووسائل الإعلام الأميركية إلى تصنيفها ضمن فئتين لا ثالث لهما، الأولى حرة ولا تقبل أن تكون منقادة إلى أجندات البيت الأبيض، مثل «السي إن إن» و«النيويورك تايمز» و«الايه بي سي» و«سي إن بي سي» وغيرها والأخرى تعمل بانعدام تام للمهنية بوصفها الناطق الإعلامي باسم ترامب ضمن مهمة واحدة: تلميع الرئيس الجديد، امتداح إنجازاته، وتبرير تصريحاته حتى عندما تكون خاطئة أو مجافية للحقيقة ويمثلها «فوكس نيوز» و«ذا نيويورك اوبزيرفر» التي يملكها صهر ترامب وعدد آخر من وسائل الإعلام اليمينية.
يبدو هذا التمايز غير المسبوق مهماً للغاية لأنه كشف للشعب الأميركي الفرق بين إعلام يتمسك بحريته في الانتقاد، حتى وإن لم يكن مهنياً طوال الوقت وآخر يمثل التيار اليميني المتطرف وهو مستعد للذهاب إلى أبعد حد ممكن لتأجيج مشاعر الكراهية ضد العرب والمسلمين والمهاجرين والأقليات بشكل عام.
المثال الأخير جاء عندما أشار ترامب في خطاب ألقاه منذ عدة أيام إلى حادث إرهابي مزعوم وقع في السويد لتبرير سياسيته المتشددة تجاه المهاجرين المسلمين، علماً بأن السويد لم تتعرض لأي حادث ذي طابع إرهابي خلال العقد الماضي، وبطبيعة الحال سارعت وسائل الإعلام التقليدية ومنصات التواصل الاجتماعي إلى السخرية من هذه السقطة الجديدة التي تضاف إلى قائمة طويلة من السقطات التي فضل الناطق باسم البيت الأبيض في أول مؤتمر صحفي له قبل أسابيع، أن يطلق عليها وصف «الحقائق البديلة».
لكن «فوكس نيوز» نشرت في اليوم التالي ما وصفته بأنه «تحقيق استقصائي» قام به صحفي يهودي معروف بمعاداته الشديدة للمهاجرين والمسلمين، يظهر أن ستوكهولم تحولت إلى عاصمة الاغتصاب في أوروبا بفضل الجرائم التي يرتكبها اللاجئون المسلمون وأن ثمة أحياء كاملة يسيطر عليها المسلمون المتشددون هناك ويمنعون السويديين الأصليين من دخولها.
بل إنه ذهب أبعد من ذلك عندما عرض ما ادعى أنه تسجيل صوتي يظهره وهو يتعرض للضرب من قبل حشد من المسلمين في السويد لمجرد أنه كان يتنزه في حيهم، وطوال البرنامج حاول «الصحفي» أن يظهر أن الحكومة تعرف كل ذلك وتتستر عليه حتى لا تبدو عنصرية تجاه المسلمين!
هذه هي الصحافة التي يريدها ترامب، وهؤلاء هم الإعلاميون الذين يرغب أن يكونوا حوله.. أما من يظهرون الحقائق فإنه يتكفل يومياً بمهاجمتهم بالاسم على حسابه في «تويتر»، واصفاً إياهم «بوسائل الإعلام الآيلة للسقوط»!

بقلم : لؤي قدومي
copy short url   نسخ
22/02/2017
4226