+ A
A -
عامًا بعد عام يتميز طلابنا في جامعة قطر في تنظيمهم لمهرجان القرية الثقافية السنوي والذي يشهد إقبالًا متزايدًا من جمهور الجامعة الداخلي والخارجي، حيثُ يقوم الطلاب بتقديم عددٍ من العروض الشعبية والفلكلورية التي تعكس الموروثات الثقافية المختلفة لدى الطلاب من مختلف الجنسيات، فالجامعة تعتبر حاضنة أممية تعُج بأرخبيلٍ واسع من الطلبة من مختلف الجنسيات والثقافات التي تتماهى في مجتمع جامعي يحترم الآخر ويعكس بامتياز صورة التعايش بين الثقافات العربية والإسلامية والعالمية.
إن هذا العمل الملحمي الطلابي التطوعي يعزز فضولنا في الغوص في ثقافاتنا العربية المتداخلة، فإن انتشار الثقافة العربية الإسلامية في مختلف البلاد التي دخلها الإسلام، جعل كثيرًا من معالم الثقافات المحلية القائمة تتكيَّف مع مقوّمات الثقافة العربية الإسلامية؛ فأصبحت الطقوس والتقاليد والأعراف تنسجم في غالب الأحيان مع ثوابت الثقافة العربية الإسلامية، حتى ولو اختلفت في ما بينها في الممارسة والتطبيق، على أن هذا الاختلاف لا يصل إلى مجال العقائد والقيم والمقاصد، كما هو الشأن مع الثقافات غير الإسلامية القديمة والحديثة.
وبذلك تكون أهمّ خاصية تتميّز بها الثقافة العربية، أنها امتزجت بالثقافات الأخرى التي كانت سائدةً في عهود الإسلام الأولى، وتفتَّحت لعطاء الأجناس والأقوام وأهل الديانات والعقائد التي تعايشت مع المجتمع العربي الإسلامي، فصارت بذلك ثقافةً غنيةَ المحتوى، متعدّدةَ الروافد، متنوعةَ المصادر، ولكنها ذات روح واحدة، وهويّة متميّزة متفرّدة.
قارئي العزيز، لاشك أنَّ العمل في مجتمع الشباب الجامعي الفسيفسائي المختلف الميول والطبقات ذي الطاقة الاندفاعية العليا يفضي بشكل أو بآخر إلى إيقاظ جذوة الهمم وتفعيلها في كل نواحِي الأنشطة والفعاليات التي تحقق لهذا المجتمع تطلعاته الثورية المتقدة، وأقصد بالثورة هنا؛ الرغبة في التغيير وإحداث الأثر الطيب، وإنّه لا غضاضة على أنَّ الشباب ثروةٌ كذلك، لا يمكن الاستهانة بهم، فكل حكومات اليوم تبني رؤاها وطموحاتها الاستراتيجية للجيل القادم الذي سيحمل عنها مسؤولية الحفاظ على الموارد المتنوعة وديمومتها في شكلها التنموية مع المحافظة على الثوابت الأساسية، وفي الحقيقة أجدني محظوظة بالعمل في مجتمع جامعي يضم أرخبيلا كبيرا من الطلاب والطالبات النشيطين والذين يتبنون في كل موسم وكل فصل مبادرات وأنشطة تطوعية ثورية تغييرية تؤدي أدوارًا هامة في المجتمع الجامعي الصغير، والمجتمع المحلي الأكبر.
إنَّ مهرجان القرية السنوي وغيرها من الأنشطة الثقافية التي تنظمها الجامعة يؤدي إلى ترابط النسيج المحلي فالدولي بالحب والسلام ونبذ الحروب والصراعات بشكل عام، نحنُ بحاجة إلى تأسيس ثقافة ترحب باختلافنا الثقافي، ثقافة تصافح الآخر بالتقدير والاحترام، لا بالتصغير والاستهانة، ونحنُ إذ بدأنا بالجامعة فقد وصلنا إلى ذلك بإذن الله تعالى.

منظمو القرية الثقافية 2017؛ بوركتم جميعًا، أمتعتمونا ثقافةً وجمالًا!
إعلامية وباحثة أكاديمية

بقلم : خولة مرتضوي
copy short url   نسخ
24/02/2017
5128