+ A
A -
قَطَعَت حركة حماس مرحلة هامة من إنجاز العملية الانتخابية الداخلية، في دوائرها الأربع: قطاع غزة، الضفة الغربية، سجون ومعتقلات الاحتلال، والشتات. وبإنجاز تلك العملية وفق ماهو مُتوقع خلال شهرٍ من تاريخه، وبشكلٍ كامل، تكون حركة حماس قد حافظت على الحالة الصحية الداخلية في حياتها التنظيمية، وبالتالي حافظت على رتابة الانتقال الداخلي في المواقع القيادية المُختلفة، وفي رفد تلك المواقع بالدماء الجديدة، ومن أجيال الشباب الصاعد، الذي يُشكّل في الوضع الحالي الراهن، الجسم الرئيسي لتنظيم الحركة وقواتها العسكرية في كتائب الشهيد عز الدين القسام، وذلك وفق المعطيات المُتوفرة، والتي يُمكن للمتابع الحصيف أن يلحظها.
والمُهم في هذا المجال، أيضاً، أن تواتر ورتابة الحياة الداخلية لحركة حماس، وإنجاز الانتخابات الدورية في مواعيدها، من مؤتمرٍ إلى مؤتمر ـــ حتى في ظل العواصف السياسية التي ضربت المنطقة عموماً والبيت الفلسطيني خصوصاً ـــ شكّل بالنسبة لها عامل حماية من التَشَقُقات، أو الانشقاقات التي عادةً ما تُصيب مُعظم الأحزاب بتلاوينها المُختلفة حال غياب الحياة الداخلية والمؤتمرات والمحطات التقييمية، وغياب الانتخابات الداخلية، وتأبيد القيادات الأولى في مواقعها.
إن المؤتمرات الدورية، وانتظام عَقدِها، وإنجاز الانتخابات بشكلٍ دوري من أدنى إلى أعلى، يعني أن الانتقال يتواصل بين الأجيال في تبادل الموقع القيادية، بما يؤمن انتقال وتراكم الخبرات وصقلها.
ونحن نتحدث هنا عن تواصل الأجيال وليس القطع أو إقصاء أحد، من أجيالٍ تُخلي أماكن ومواقع جديدة للأجيال الصاعدة التي نَمَت في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في القطاع وعموم الداخل الفلسطيني والشتات، وترعرعت في ظروف العمل الوطني الصعبة في الانتفاضات الفلسطينية المُتتالية، وفي معمعان العملية الوطنية الفلسطينية..
الشيء الإيجابي الآخر، والملفت للانتباه، جاء مع انتخاب يحيى السنوار كقائد لحركة حماس ورئيساً لمكتبها السياسي في قطاع غزة، حيث الجسم الأكبر للتنظيم وللقوات العسكرية الفدائية، وهو الشخص المعروف بتاريخه النظيف، وقد قضى سنواتٍ طويلة من شبابه في معتقلات وزنازين الاحتلال.
وفي مؤشر هام، اعتبرت «إسرائيل» وعموم أجهزتها الأمنية والعسكرية، أن انتخاب القيادي في حركة حماس يحيى السنوار رئيساً للمكتب السياسي للحركة في قطاع غزة، خلفا لإسماعيل هنية، رسالة ذات دلالاتٍ قاطعة، فوصفت انتخابه واختياره كقائد لحركة حماس في القطاع بمثابة «برميل بارود يحتاج إلى شرارة فقط لكي يشتعل». وقد كتب المحلل العسكري في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، ألكس فيشمان «أن حركة حماس بانتخابها يحيى السنوار تكون قد اختارت الخيار العسكري». وأن «على إسرائيل أن تأخذ بالحسبان إمكانية أن يكون رد فعل حركة حماس على غاراتها القادمة على القطاع تحت قيادة يحيى السنوار مختلفا».
لا يهمنا كثيراً، كلام ولغة الاحتلال وتقديراته، بشأن انتخاب يحيى السنوار. وما يهمنا أن يحيى السنوار، يتمتع بشعبية بين الناس في القطاع، وهو الأمر الهام. كما يتمتع بحضور واحترام وتقدير في صفوف كوادر حركة حماس.
وعلى الرغم من انغماسه في موقفه العقائدي العميق داخل صفوف حركة حماس، إلا أنه كان يَجد دائماً لغة مُشتركة مع الأسرى من باقي الفصائل الفلسطينية عندما كان داخل معتقلات الاحتلال، وهو ما يؤهله لصياغة المواقف الميدانية اليومية بتفاهم وندية، مع باقي الفصائل الفلسطينية الموجودة على الأرض في قطاع غزة، بمختلف تكويناتها السياسية والأيديولوجية.

بقلم : علي بدوان
copy short url   نسخ
03/03/2017
3277