+ A
A -
من الميزات التي ظفرت بها بسبب تقاعدي المبكر من العمل في القطاع العام قبل نحو أربعة عشر عاما والتحاقي بالعمل في القطاع الخاص أنني لم أعد أعيش الحالة الصعبة التي يعيشها أصحاب الوظيفة «الميري» صباحا عند توجههم إلى أعمالهم وظهرا عند عودتهم إلى بيوتهم، ولأن طبيعة عملي في الصحافة لا تتطلب مني الخروج من البيت مبكرا كما الكثير من العاملين في القطاع الخاص لذا أستطيع أن أقول إنني لم أشهد الزحام الذي يعاني منه الموظفون والعمال صباحا ومساء طوال السنوات المذكورة، لهذا فإن التجربة التي مررت بها قبل أيام كانت من الصعوبة بحيث استحقت الكتابة عنها، فقد اضطررت إلى الخروج باكرا إلى مشوار غير قابل للتأجيل توقعت أن أنتهي منه في نصف ساعة وإذا به يكلفنني أكثر من ثلاث ساعات زمنا وضغطا نفسيا وأعصابا استثيرت بسبب «كفاح» الموظفين والعمال بغية الوصول إلى أعمالهم في الوقت المطلوب وما يتسبب فيه ذلك من زحام شديد.
الزحام الذي كنت أعيشه قبل أربعة عشر عاما - والحديث هنا يسهل تعميمه على كل دول مجلس التعاون- يعيش الناس اليوم أضعافا مضاعفة منه وهذا يعني أن الحال بعد مدة مماثلة سيكون مأساة بمعنى الكلمة، الأمر الذي يستوجب التفكير في حلول عملية تضاف إلى الحلول العادية التي لا بد منها مثل تطوير الشوارع وتوسعتها وإنشاء الجسور والأنفاق ومنع الشاحنات من المرور في بعض الشوارع في ساعات محددة، وغيرها.
من الحلول التي يمكن دراستها تجربة سلطنة عمان فيما يخص تأخير وقت دوام التلاميذ المسجلين في الصفوف الثلاثة الأولى من المرحلة الابتدائية وإن كان الهدف من ذلك مختلفا وتربويا (دوامهم يبدأ الساعة الثانية عشرة ظهرا والهدف منه أن يأتوا المدرسة بعد أن يكونوا قد أخذوا كفايتهم من النوم ولا يختلطون بتلاميذ الابتدائية في الصفوف الثلاثة العليا والذين يختليفون عنهم في الأجسام ويتنافرون معهم في السلوك) فهذه التجربة أدت أيضا إلى تخفيف شيء من الزحام صباحا.
في دولة الإمارات العربية المتحدة يوجد الآن توجه لاتخاذ قرار بأن يداوم بعض الموظفين الذين يرتبط عملهم بالكمبيوتر ويمكنهم إنجاز معاملات المراجعين من خلاله وهم في بيوتهم، وهذا يصب أيضا في تخفيف الزحام ولو قليلا. والمعروف أن كل دول التعاون جربت فكرة تأخير دوام الموظفين الذين لا يشغلون وظائف ذات ارتباط بمعاملات الناس لساعتين يتم تعويضهما في نهاية الدوام، وأن هذا تم بغرض تخفيف الزحام وإن لم تتبين بعد نتائج ذلك.
أسباب الزحام في شوارع المدن بدول مجلس التعاون في أوقات الذروة بشكل خاص (صباحا وظهرا) عديدة والجهود التي تبذلها الحكومات ممثلة في إدارات المرور جيدة وتسهم في تخفيف الزحام، لكن القصة ليست هنا، ولكن في الاستعداد للزحام المتوقع في السنوات التالية، فالبشر في ازدياد وأعداد السيارات في ازدياد، ولا تزال معظم الوزارات والإدارات الخدمية تتواجد في وسط البلد. وبالطبع ليس الكل محظوظا مثلي، يبدأ دوامه بعد العاشرة.

بقلم : فريد أحمد حسن
copy short url   نسخ
07/03/2017
4193