+ A
A -
كثيرون هم أولئك الشباب الذين يجرّون ظلالهم إلى اللاشيء، يبتاعـون الأحلام عـلى رصيف الانتظار ويهـربون إلى التمني الزائف ما أكثر أماني بعض الشباب وما أقل عـملهم.
لم يُخلق إنسان خالٍ من المشاكل، وإن كانت تظهـر عـليه علامات راحة البال، فـلكل إنسان مشاكله، إلا أن العاقل من يستطيع التفكير بعـمق ويجد الحلول المناسبة بدلا من الهـروب من مشكلة ما تواجهه.
ويمكن تقسيم الشباب إلى ثلاث فـئات، فـئة تتجه إلى حل مشاكلها بصورة واقعـية وأخـرى تهـرب من مشاكلها وتلجأ إلى تعاطي المخدرات والمسكرات بحثا عـن السعادة الزائفة، أما الفـئة الثالثة فـتهـرب إلى الأقـراص العلاجـية.
يختلف الشباب وتتباين أفكارهم ومناهجهم في الحياة، فـبينما يظهـر الالتزام ورجاحة العـقل في فـئة منهم، نجد ملامح التهور والاندفاع في فـئة أخرى، وهي التي تلجأ إلى حل مشاكلها بصورة خاطـئة، حيث يميل بعـضهم للمشروبات الروحية اعـتقادا منه أنه بذلك يستطيع الهـروب من مشاكله أو تناسي التي لا يرى لها حلا أبدا، بينما يرى البعض الآخر تناسيها بتدخين سيجارة حشيش تنقله إلى عالم آخـر وردي الملامح والخوض مع رفاق السوء فـيما يتنافى مع الدين والأخلاق في أمور تشغـلهم عـن مشاكلهم الحقيقية.
أما الفـئة الثالثة فـترى أن تعاطي الأقـراص العلاجية مريح للأعـصاب ويؤدي إلى الهـروب من المشاكل وتناسيها وهي لا تغـضب الله سبحانه وتعالى، بل فـيها خـروج من مآزق كثيرة وكبيرة إلا أنها رغـم ذلك فهي مضرة بالصحة ومرهقة للأعـصاب.
والسؤال الذي يفـرض نفسه، ما الأسباب التي تدفع هـذا الشخص أو ذاك للجوء إلى هـذه الوسائل؟ يرى الباحثون الاجتماعـيون أن التنشئة الاجتماعـية الأولى تعـتبر مركز الثقل والمحور الهام لكل هـذه التصرفات، فإذا كانت التنشئة سليمة ينشأ الشباب تنشئة سليمة دون شك، أما إذا كانت غـير ذلك فـبالتأكيد يحدث الخلل.
والممارسات غـير الأخلاقـية الـتي نراها اليوم تعـتبر هـروبا وتنافي الفطرة، لأن الفطرة السليمة لا تقود للانحراف، فـبعض الشباب للأسف يلجأ للانحرافات السلوكية لانعـدام الوازع الداخلي من دين وتربية سوية، هـذا بالإضافة إلى التفكك الأسري الذي تكون نتائجه سلبية عـلى أفـراد الأسرة، إلى جانب دور الـرفاق الفاعـل التأثير عـلى السلوك سواء كان بالسلب أو الإيجاب، كما قـد يكون العامل اقـتصاديا ليقود الكثيرين للانحراف كالسرقة والرشوة والسعي نحو الكسب السريع لخلق الموازنة المعـيشية.
إن التعامل مع الأبناء بحد ذاته والصلة بين الآباء والأبناء غالباً يشوبه الحذر نتيجة عادات وتقاليد اجتماعـية موروثة، إذن.. لابد للأب أن يأخذ بالحسبان في التعامل معهم تلك الأعـراف الاجتماعـية من خوف أو خجل أو حياء.
فالأبناء بطبيعـتهم يميلون إلى الكلام عـن مخاوفهم وعلاقاتهم الخاصة وطموحاتهم وتصوراتهم لمشاكلهم، فهم في الغالب سيعـترفـون لأحد ما عـن وقـوعهم في أي مشكلة، مثل المخدرات، ولا يستطيع الشاب أن يصارح أحـد والديه لخوفه من التوبيخ، لذا يجب عـلى الآباء تغـيير أساليبهم ووسائلهم مع أبنائهم، وكذلك الأمهات مع بناتهن، ومن الأشياء التي تؤدي إلى حدوث فجوة بين الآباء والأبناء كثرة إسداء النصح وبإلحاح شديد، مما ينفـر الولد من مجرد السماع لكلام والديه، لذا يجب عـلى ولي الأمر اتباع أسلوب الود والمحاورة الهادئة وبكل الشفافـية مع أبنائه لإعـطائهم الثقة الكاملة في أنفسهم، وعـلى الآباء والأمهات أن يبدؤوا بأنفسهم فـيكونون قـدوة صالحة للأبناء بالقول والعمل والسلوك، ويأتي في المقام الأول وقـبل كل شيء، أن الإيمان العـميق بالله عـز وجل، والتمسك بتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف واجتناب ما حرم الله، وفـضائل الأعـمال، يعـصم الإنسان من الانزلاق في بؤر الفساد بمختلف أشكاله وأنواعه.
بقلم : سلطان بن محمد
copy short url   نسخ
08/03/2017
4799