+ A
A -
«مخيم عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين قرب مدينة صيدا في جنوب لبنان، يَرقُدُ على برميلٍ من البارود منذ فترةٍ طويلة، ويعيش مواطنوه وأبناؤه حالة من التوتر الدائم. فاشتعاله الأخير لم يَكُن سوى جولة من جولات الاحتراب الداخلي على جسد أبنائه ومواطنيه من النساء والأطفال والعجائز.
فماذا يجري في مخيم عين الحلوة الفلسطيني..؟ ولماذا اشتعل المخيم، وهل تنجح القوة الجديدة التي شكّلتها القوى الفلسطينية في ضبط الأمن، وهل لدى الجيش اللبناني نية لدخوله؟ ومن يتحمّل مسؤولية ما يجري : حركة فتح وعموم الفصائل الفلسطينية، أم باقي المجموعات الصغيرة المختفية داخل المخيم ..؟ وما هو هدف المعركة فعلاً ..؟
لقد اشتعل مخيم عين الحلوة مُجدداً في جولة العنف الأخيرة، حيث التراشق بالنار والقنص والقذائف المتبادلة بين أطرافٍ موتورة لاعلاقة لها بقضية فلسطين وشعبها، بل تَحمِلُ معها قناعاتٍ سياسية هي أقرَبُ الى «الهلوساتِ» منها الى الرأي والفكر. لتَصُبَ أفعالها في نهاية الأمر في مسار تدمير الوجود الفلسطيني في لبنان، ودفع الناس للخروج من عين الحلوة والبحث عن دروب المنافي البعيدة عن فلسطين.
الفصائل الفلسطينية، جميعها، تتحمل مسؤولية ما حَلَّ بمخيم عين الحلوة، حيث دأبت مُعظمها على ترك الأمور داخل المخيم على «الغارب والضارب»، ولم تحرك ساكناً، حيث تدفقت مجموعات مُسلحة غير فلسطينية، مُعظم أعضائها من اللبنانيين وغير اللبنانيين، وإن كان بعض أعضائها من الفلسطينيين، لتتخذ من المخيم مركزاً وموئلاً لها في مواجهة الشرعية اللبنانية، وحتى في مواجهة منظمة التحرير الفلسطينية وعموم فصائلها.
لقد تُرِكَ مخيم عين الحلوة في مَهبِ الريح منذ سنواتٍ خلت، أمام تناسل وتدفق تلك المجموعات بأسماءٍ مُختلفة، حتى باتت اليوم تتحكم بمصير الناس وأمنهم، على مساحة من الأرض لاتتجاوز كيلومترا مربعا واحدا هي مساحة مخيم عين الحلوة، أكبر مخيمات وتجمعات اللاجئين الفلسطينيين فوق الأرض اللبنانية.
إن تحويل مخيم عين الحلوة الى جزيرة أمنية، عمل مقصود، ساهمت به وبصناعته، والترويج له، عدة أطراف محلية واقليمية، في سياقات معروفة، طوال السنوات الطويلة الماضية، والهدف الرئيسي من كل ذلك حسابات سياسية وأبعد من سياسية، ليس أقلُها دَفع العدد الأكبر من لاجئي فلسطين في لبنان للهجرة وطرق أبواب المعمورة الأربعة، وهو ما تم عملياً حين نعلم بأن أكثر من (70%) من لاجئي فلسطين في لبنان قد أصبحوا خارج لبنان في بلادٍ بعيدة، وقد أُسقِطَت كشوفهم من سجلات النفوس العائدة للاجئين الفلسطينيين في لبنان.

بقلم : علي بدوان
copy short url   نسخ
09/03/2017
3536