+ A
A -
المعرض الجديد للفنان جورج دابليو بوش، مخصص في جزء كبير منه لبورتريهات لجنود وقادة عسكريين، على بعد ثلاث سنوات من معرضه الأول الذي قدم فيه وجوها لقادة دول وسياسيين كبار،فضلا عن لوحات للطبيعة الميتة وتأملات انطباعية.
الرئيس الأميركي الذي حكم البيت الأبيض والعالم،طوال العقد الأول للألفية، بلا موهبة تقريبا،لم يفقد الأمل بعد في العثور على موهبة حقيقية في مجال ما.
جورج بوش الابن يقول أن حكاية العشق الفني الجديد،بدأت بقراءة كتاب»الرسم للتسلية» للزعيم البريطاني ونستون تشرشل،الذي عرف عنه ولعه الشديد بالفرشاة والألوان.
في بقية الحكاية يبدو إن الإنسانية خسرت كثيرا عندما اقتصر تأثر بوش الابن بتشرشل على جوانبه الفنية دون ما عداها من حكمة سياسية ناذرة.
في حياة ثانية يمكن،إذن،للرئيس الأميركي الذي حول العالم إلى حلفاء أو إرهابيين، أن يصبح من فرط فائض الوقت والمشاعر، فنانا تشكيليا،يداعب الألوان والظلال في صباحات اليوم الطويل للتقاعد المستحق في دالاس.
هكذا يبدو الرئيس الجمهوري السابق، كمن يجرب تمرينا صعبا: أن يشفى من أعطاب ذكريات السياسة وعقدة الحروب الخطأ باختيار فني تعويضي.
في هوايته الجديدة يستطيع الرئيس السابق أن يعيد الحياة في مجاز اللوحة لجندي شاب كان قد أرسله- على أرض الواقع -لحتفه في حرب بعيدة وغامضة في العراق.
بضربة فرشاة متقنة يمكنه أن يعيد في خيال اللوحة ساقا مبتورة لجندي ترك رجله اليمنى-التي من دم وحقيقة - في صحراء الفلوجة.
بقليل من التحكم في لعبة الضوء المنعكس على خد امرأة وسط قماش اللوحة، يمكنه أن يخفى إلى الأبد دمعة حارة لأم ثكلى باغتها على شاشة التلفزة خبر موت وحيدتها، في الحرب المجنونة للرئيس.
بشيء من البراعة يمكن للتشكيلي الطارئ أن يخلد في هيئة تليق ببطل قومي، قناصا يحمل في سجله الحربي لائحة طويلة للضحايا من أطفال البصرة.
باستعارة فنية بسيطة يمكن للرئيس السابق أن يحول ما قد يكون علق بذاكرته من فظا عات سجن «أبوغريب» إلى منظر ربيعي للغرب الأميركي.
بخلطة سحرية من الألوان، يمكن للدم الفلسطيني السائل على أرصفة «غزة» أن يتحول في لوحة «النصر الكبير» إلى أحمر شفاه مثير في وجه ضابطة مشاة ترفع شارة نصر على دبابة مفترسة في شارع الرشيد داخل ما تبقى من بغداد بعد غزوة راعي البقر الأخير، ومن رماد جثت الأطفال المتفحمة في محرقة غزة،يمكن للفنان أن يستخرج كحلا يليق بالعينين الناعستين للجندية في أعلى اللوحة.
مرحبا بكم في معرض الرئيس.

بقلم : حسن طارق
copy short url   نسخ
10/03/2017
4981