+ A
A -
تحل اليوم 14 مارس 2017 الذكرى الثانية عشرة لانتفاضة الشعب اللبناني للمطالبة بخروج جيش النظام السوري المحتل، غداة اغتيال أحد أهم شخصيات لبنان رفيق الحريري في 14 فبراير 2005. وغدا 15 مارس 2017 تحل الذكرى السادسة لانطلاقة شرارة انتفاضة الشعب السوري ضد نظام قمعي استبدادي بعد أربعين سنة من حكم آل الأسد الأب والابن. تساوت انتفاضة الشعبين، اللذين جمع بينهما تاريخ مشترك وحدود مشتركة (وان غير مرسّمة) وتكامل اقتصادي واجتماعي وتداخل بشري. والتقت أهداف الاثنين في التوق إلى الحرية والتخلص من هيمنة وتسلط النظام نفسه.
بعد ان تحولت سلطة حزب «البعث» الانقلابي إلى حكم طاغية وتوسعي. وتزامنت الانتفاضتان رمزيا بالتوقيت، ولو بفارق ست سنوات. فكانت اللبنانية السباقة والممهدة لانتفاضات ما عرف بـ «الربيع العربي» - بغض النظر عن نتائجه هنا وهناك - والسورية خاتمة هذه الانتفاضات التي نجح بشار الأسد في تحويلها من سلمية إلى «حرب على الإرهاب».
وبحسب التقرير الذي نشره «المركز السوري لأبحاث السياسات» المستقل فقد ذهب ضحية هذه الحرب حتى منتصف 2016 أربعمائة وسبعون ألف «إرهابي» سوري، بتغطية ودعم عسكري مباشر وغير مسبوق من روسيا وإيران وميليشياتها.
وأفاد التقرير ونشرته «الغارديان البريطانية» أن «نحو 11.5% من سكان سوريا قتلوا من جراء الصراع منذ مارس 2011، في حين يقدر عدد الجرحى بنحو 1.9 مليون إنسان، مع 6.1 مليون نازح و4.8 مليون طالب لجوء، وفقا لـ «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية». ناهيك عن انخفاض متوسط العمر المتوقع عند الولادة من 70 في 2010 إلى 52 في عام 2016، وأشار التقرير إلى ان الخسائر الاقتصادية في سوريا تقدر بنحو 255 مليار دولار.
وتمكن اللبنانيون من التخلص من الوصاية العسكرية والأمنية للنظام الأسدي، التي دامت نحو ثلاثين سنة، والتي نجح خلالها باستلاب اللبنانيين واستتباعهم، واستباحة حريتهم وسيادتهم، وتفتيت نظامهم الديمقراطي وصيغة التعايش بين مختلف مكوناتهم المتنوعة والمتعددة، وكذلك النهب المنظم لثرواتهم ومرافقهم الحيوية. ناهيك عن إلحاق لبنان في ركب سياسته «الممانعة» والمرتهنة للنظام الإيراني.
واستعاد لبنان حريته وحيويته وشرع في إعادة تركيب منظومته الديمقراطية التعددية وتنافس القوى السياسية في ما بينها. ولكن ليكتشف اللبنانيون، بعد اثنتي عشرة سنة، ان الطبقة السياسية أصبحت «مطيّفة» حتى العظم وبعضها مرتهن، لا بل تابع بالكامل لسياسة وقرارات دول أجنبية، مثل «حزب الله» المدجج بالسلاح والصواريخ، والذي يشكل عمليا «حصان طروادة» إيرانيا في لبنان و«دويلة» داخل الدولة اللبنانية.
والاستتباع عاد عبر هذا الحزب وحلفائه، سواء في منع انتخاب رئيس وإبقاء الرئاسة شاغرة لسنتين ونصف السنة، أو قبلها في تعطيل مجلس النواب ومنع تأليف حكومة، أو اليوم وتحت شعار الاصلاح يحاول رئيس الجمهورية ميشال عون وحزبه فرض قانون انتخابي بالضغظ والابتزاز والتهديد مجددا بالفراغ. فيما الفساد مستشر والصفقات مستمرة، والتفاهم عليها وتمريرها يجد طريقه الأسرع داخل مجلس الوزراء. ويسعى عون الآن إلى اعادة ربط لبنان بالكامل بالمحور الإيراني-السوري.
أما ماذا حصد السوريون من انتفاضتهم؟ يواجه النظام السوري اليوم أعتى «مؤامرة كونية» تستهدف قوميته وعروبته و«ممانعته» وعلمانيته (كنظام علوي)، ودوره في حماية الأقليات، وتحديدا مسيحيي الشرق من إرهاب واجرام «الداعشيين التكفيريين»، الذين أطلق هو من سجونه قياداتهم «المؤسِسة». وهو لم يمارس أي قهر على شعبه، ولم يكم الأفواه، ولم يملء سجون صيدنايا وتدمر، ولم يستعمل البراميل المتفجرة ولا السلاح الكيماوي وو... وهو يخوض اليوم معركة الدفاع عن سيادة سوريا ووحدة أراضيها!
لذلك، فإن كل الجيوش العتية تتهافت على تقاسم النفوذ على أرض سوريا، من شمالها إلى جنوبها، من روسيا إلى اميركا، ومن تركيا إلى إيران واسرائيل، وإلى «داعش»! وبشار في دمشق... إلى حين!
بقلم: سعد كيوان
copy short url   نسخ
14/03/2017
4396