+ A
A -
ما الذي يجعـلنا نشيب قبل الأوان، ما الذي يجعـلنا نشيب إلا عـشقنا للكمال.؟ لا أذكر أنني خالفت النظام ولكن الآخرين يخالفونه أمامي كل يوم، حين المراجعة في معاملة أو حاجة ما نقف في أماكننا في الطابور، ولكن المشاغـبين الذين لا يعـرفـون النظام يتعـدون عـلى دور غـيرهم من المصطفين في الطابور ذات اليمين وذات الشمال فـتبح أصواتنا بالاحتجاج.
من الجميل أن نعمل بإخلاص وأن نحافظ عـلى النظام، فـتلك سعادة كبرى، إن عـشق الكمال يجب أن يكون لوجه لله سبحانه، فـقيمة كالإخلاص لا يصح أن نقايض بها في حياتنا الدنيا وإلا فقدت أنبل معانيها، ومع ذلك فإن النجاح في أول الأمر وفي آخره هـو للإخلاص والمخلصين، ومع حب الكمال يحسن بنا أن نفهم أننا نعـيش في حياة بشرية ونتعامل مع بشر، وإن هـؤلاء البشر يختليفون اختلافا كبيرا في مقاصدهم وطبائعهم ونفوسهم، وإن الحياة البشرية بشكل عام معـرضة للخطأ المستمر والتجاوز والأنانية وكل الصفات التي يجاهد الإنسان في الخلاص منها
ليت أولئك يجاهدون! هـذا الذي يمر من أمامك بسيارته كالسهم ثم توقـفه الإشارة الحمراء معك بماذا يجاهـد؟ وماذا كسب من كل هـذا القبح، وهـذا الذي يؤذي الناس ببوقه المزعج كيف جاهـد؟ والآخر الذي يعـيش بطالة مقنعة في عـمله، ألا ترى أن كل جهاده للانحدار؟ وما الفرق إذن بين الإنسان المخلص وغـير المخلص؟
إن المتسبب يجعـل الإنسان الـذي يحب النظام ويعـشق الكمال في سيرك العجائب ولكـنه سيرك يدمي ويؤلم، وإن أضحك فعـلى طريقة «شر البلية ما يضحك» مما يجعل أعـصاب الإنسان متوترة.
أد عـملك بإخلاص وحافظ عـلى النظام واعـشق الكمال، ولكن تذكر أنك إنسان واجبه أن يؤدي ما يناط به عـلى أكمل وجه، وأن يكون سلوكه دائما سليما منضبطا، بعـد ذلك لا يرهـق نفسه بمخالفات الآخرين لأن هـذا ضـد الدين فقد علمنا الإسلام أن نغـير المنكر بأيدينا وإن لم نستطع فـبألسنتنا، وإن لم نستطع فـبقلبنا وذلك أضعـف الإيمان، كما أن هـذا الإنكار الضعـيف بالقلب وحده يجلب لصاحبه المرض.
إن السواقة كما هو معـروف فـن وذوق وأخلاق، كما أن مخالفة السير منكر نعم منكر، وتعـطيل أوقات الآخـرين منكر، لذلك فإنني إذا أخطأ صاحب السيارة المجاور لسيارتي أحادثه وأنصحه فـينظر إلى ّ ببرود، وبعـضهم يوجه لي كلمات ليست كالكلمات اللطيفة.
إن مشاكل المرور لا تحل فـرديا، فإذا أردت أنا ــ كفرد ــ أن ألتزم بكل أنظمة السير، فلن يحميني هـذا من متهور يخرج عـلى ّ كالسهم كما حدث معي قـبل فـترة حيث تعـرضت إلى حادث مروري من سائق «أرعـن»، وهكذا نرى أننا في حاجة إلى جهاد متواصل لكي نبلغ الكمال الممكن الذي نسعى له جهاد أنفسنا أولا وهـو الجهاد الأكبر ثم جهاد الناس بالحكمة والموعـظة الحسنة فـبدون ذلك فلا فـرق بين الإنسان العاقل الرزين والإنسان المجنون الطائش المتهور الأرعـن.
بقلم: سـلـطـان بـن مـحـمـد
copy short url   نسخ
15/03/2017
4009