+ A
A -
تجاوزت أزماتِ قطاع غزة المُتوالدة عن الحصار الجائر والظالم منذ العام 2007 كل الحدود، حيث الحالة الإنسانية الكارثية، والضائقة الاقتصادية، وازدياد مُعدّلات الفقر والبطالة، والتي وصلت إلى سقوفٍ مرتفعةٍ. فالبطالة تجاوزت حدود الــ (65%) من بين القادرين على العمل والإنتاج وفق مُعطيات الهيئات الدولية والإنسانية. عدا عن تَعَطّل نحو 5000 منشأة اقتصادية عن العمل بسببٍ من نقص المواد الأولية، وبالتالي تراجع التنمية في القطاع من الناحية الاقتصادية البحتة.
قطاع غزة، المنطقة الأكثر اكتظاظاً في العالم، حيث يُقيم على مساحة القطاع الحالية والبالغة نحو (364) كيلومترا مربع نحو مليوني إنسان. فعدد سكان قطاع غزة من اللاجئين الفلسطينيين يبلغ نحو مليون وثلاثمائة ألف نسمة من أصل نحو مليوني مواطن فلسطيني (71% من عدد السكان في قطاع غزة هم لاجئون فلسطينيون من المناطق المحتلة عام 1948 والباقي من المواطنين من أبناء مدينة غزة وجوارها).
لقد صَدَرَت تحذيراتٍ مُتكررة، من أكثر من جهة دولية تعمل في القطاع ومنها وكالة الأونروا، أن العام 2020 سيكون الأصعب على قطاع غزة، وستصعب الحياة فيه في حال لم يَتِمُ تدارك هذا الوضع الكارثي الذي بات يُطالُ كل مرافق الحياة اليومية، بما في ذلك النقص الحاد المُتتالي في موارد المياه الصالحة للشرب والاستخدام المنزلي. فالعديد من المؤسسات الدولية تُشير الى أن هناك احتمالا بأن يكون قطاع غزة مكان غير صالح للعيش بحلول عام 2020، وكذلك عدم صلاحية مخزون المياه فيها للشرب بحلول العام المذكور.
إن مليونا ونصف المليون مواطن فلسطيني في القطاع يعيشون عملياً على المساعدات الأممية، وأكثر من ربع مليون عاطل عن العمل، والكهرباء تصل السكان ثماني ساعات يومياً في أحسن أحوالها، إضافة إلى أن (50%‏) من المنازل التي تم تدميرها بشكلٍ كلي أثناء عدوان 2014، لا تزال تنتظر الإعمار، حيث التعطيل «الإسرائيلي» المُعلن والمقصود أمام الأسرة الدولية.
إن هذا الواقع المُعاش في قطاع غزة، جاءَ واستدام مع استمرار الحصار المفروض على عموم القطاع منذ العام 2007، مع اعتبار سلطات الإحتلال لقطاع غزة كياناً معادياً، حيث عَمِلَت على تقييد حركة مرور البضائع بشكلٍ غير قانوني وإنساني وأخلاقي، ومنعت إدخال نحو (500) صنف من المستلزمات الأساسية خاصة اللازمة للصناعة، وأغلقت جميع المعابر ما عدا معبر (كرم أبو سالم) بين القطاع والداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، الذي يُفّتح بشكلٍ جزئي وتحت إرادة ومشيئة الإحتلال و«كرمه»، كما في منع السكان من المرور عبر معبر بيت حانون (حاجز إيرتز) باستثناء من تمنحهم سلطات تصاريح خاصة.
ومؤخراً، منعت سلطات الإحتلال المساعدة التركية في حل أزمة الكهرباء، من خلال منع رسو سفينة قبالة شواطئ غزة مُجهزة لتزويد القطاع بالكهرباء، ورفض تزويد محطة الكهرباء بالغاز كأحد الحلول الممكنة لتجاوز أزمة الكهرباء المتصاعدة، ومنع وصول سفن التضامن الدولية، ومنع استثمار حقول الغاز، أو إقامة ممر مائي يربط غزة بالعالم الخارجي.. الخ..
إن إجراءات الاحتلال المُتتالية بحق قطاع غزة، وعموم مواطنيه، والاعتداءات العسكرية من حينٍ لأخر، وكان أخرها سلسلة الغارات الجوية العنيفة التي طالت مناطق مختلفة من القطاع، والتي وقعت أواخر فبراير 2017 الماضي، أوصلت الحالة العامة في قطاع غزة إلى حدودٍ كارثية، حيث يعيش 80%من أبناء ومواطني القطاع تحت خط الفقر وفق معطيات وكالة الأونروا وعدة مؤسساتٍ دولية.
إن حكام «إسرائيل» وقادتها من سياسيين، وعسكريين، وأمنيين، يُدركونَ اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى، معنى الواقع العام لقطاع غزة، ومعنى الإحتقان المُتراكم وإمكانية انفجاره في وجه دولة الإحتلال، لذلك بدأ بعضهم يَقَدِمُ اقتراحاتٍ مُحددة كمشروع إقامة جزيرة على ساحل غزة للتخفيف من وطأة الاكتظاظ السكان، حيث قال أصحاب الوجهة إياها أنه ‏«ليس لدي إسرائيل وقت للإنتظار، فالواقع يتطلب قرارات». بينما طالب آخرون بتخفيف وطأة الحصار المفروض على قطاع غزة، خوفاً من انفجار الأوضاع الإنسانية فيه، وتأثير ذلك الإنفجار بشكلٍ كلي على «إسرائيل»، كونه سيكون باتجاههم، وهو ما ليست مستعدة له الجبهة الداخلية «الإسرائيلية».

بقلم : علي بدوان
copy short url   نسخ
17/03/2017
3237