+ A
A -
أثار المقال الذي نشر الأسبوع الماضي تحت هذا العنوان العديد من ردود الأفعال بين كثير من الأصدقاء والطلاب الذين أرسلوا يؤكدون أن هذه المشكلة هي السبب الرئيسي لتدهور أحوالنا كعرب محلياً وعالمياً، كما أرسل البعض بأسماء الذين يقودون مؤسساتهم وما يقومون به من أفعال وما يتخذونه من قرارات تدل على أنهم أمثلة حية للقادة عديمي الكفاءة، ولعل من بين هذه الأسماء من أعتقد شخصياً أنهم قد ظلموا لسبب أو آخر، ولذا قررت أن أوضح أكثر في هذه المقالة ما هي الأفعال والقرارات التي يمكن أن يتخذها القائد عديم الكفاءة والتي تدل بوضوح تام على عدم كفاءته.
ويرجع الباحثون في شؤون القيادة، مثل دان روكويل صاحب المدونة الشهيرة «مهووس القيادة» LEADERSHIP FREAK، هذه الأفعال أو القرارات لعوامل نفسية ناجمة عن الرغبة في التغطية على عدم الكفاءة (التي غالباً ما يكون مدركاً لها ويحاول جاهداً مداراتها) أو رغبته في إيهام من وضعه في الموقع الذي هو به أنه الوحيد الذي يمكنه القيادة وأن غيره غير مؤهلين للقيادة.
من أوائل القرارات والأفعال التي يقوم بها القائد عديم الكفاءة هو محاولة تمييز نفسه عن غيره وخلق نوع من الهالة حول شخصيته غير القيادية.
بعض هؤلاء يميز نفسه من خلال ارتداء زي معين أو قيادة سيارة معينة أو حتى التعطر بعطر مميز وبالضرورة حشد أكبر عدد من المساعدين والمعاونين أو حتى المنافقين والمصفقين ليرى الجميع سلطته ويدركوا أهميته. وهو لا يكف عن تذكير من حوله بأنه القائد وصاحب القرار الأول والأخير في المؤسسة.
أيضاً يقوم القائد غير الكفء عادة بالتخلص السريع من القادة الحقيقيين أو حتى المؤهلين للقيادة أو من يستشعر في وجودهم الخطر على موقعه (حتى ولو كان هذا الخطر متوهماً). ومع هذا التخلص السريع من القادة الفعليين أو المحتملين أو من يقوم على أكتافهم العمل يعطي القائد غير الكفء الإشارة للجميع أنه لا يهمه سير العمل أو جودته بقدر ما يهمه الولاء والطاعة وعدم المنافسة. ولذا فإن من يجرؤ على المراجعة ومحاولة العمل في الإطار المؤسسي سيتم اعتباره متحدياً للسلطة ومنافساً على القيادة ومن ثم سيكون مرشحاً للإقصاء إن لم يكن التنكيل.
ويعتبر القائد غير الكفء هذه الخاصية أهم سلاح يجب عليه استخدامه وبسرعة ليدرك الجميع أن عليهم احترامه وتنفيذ قراراته بدون تفكير وإلا تم قطع أرزاقهم وتحويلهم لصفوف العاطلين.
كما يعتبر أسلوب التعتيم واحتكار المعلومات من أهم صفات القائد غير الكفء؛ فهو يستطيع عن طريق احتكار المعلومات أن يحكم قبضته على مقادير الأمور في المؤسسة؛ فعن هذا الطريق يقوم القائد غير الكفء بتسويق وتيسير أسلوبه في القيادة الذي يعتمد على الاستثناءات والتمييز؛ فمن يريد القائد غير الكفء مكافأته يغدق عليه بالمعلومات ويحرمها عمن يريد معاقبته، كما يحافظ القائد غير الكفء على عمليات صنع القرار ضيقة وصغيرة إلى حد بعيد حتى يشعر من يختارهم معه بنوع من النخبوية ويجعلهم يشعرون بالقوة لاحتكامهم على جزء من المعلومات المدعمة بكونهم أعضاء في الدائرة الضيقة، بينما يشعر المغضوب عليهم بأنهم ضعفاء وغرباء داخل مؤسستهم.
ومن الأساليب غير المتوقعة التي يستخدمها القائد غير الكفء في قيادته للمؤسسة هو أسلوب الإدارة بالصراعات MANGEMENT BY CONFLICTS. وهذا الأسلوب في القيادة يعني أن يفتعل القائد غير الكفء المشاكل بين أعضاء فريقه ويؤجج بينهم الصراعات حتى ينشغلوا بمشاكلهم عنه. الميزة الأساسية في هذا الأسلوب هي لجوء أعضاء فريق الإدارة للقائد غير الكفء لحل مشاكلهم أو لنصرة أحدهم على الآخر ومن ثم يظل هذا القائد غير الكفء قابعاً على القمة ولا ينازعه فيها من يتحاربون ويتصارعون.
ومن المحزن أن يستثمر القائد غير الكفء احتكاره للمعلومات وقدرته على التمييز بين أعضاء إدارته في خلق مزيد من المشاكل أو تأجيجها، إذا لمح أن بعضها على وشك الأفول وأن الصراعات يمكن أن تنتهي.
بقلم :د. حسن يوسف علي
copy short url   نسخ
22/03/2017
5719