+ A
A -
إعلان العداوة لا يعني بالضرورة أن تقف في وجه عدوك لتبصق في وجهه وتمطره بالسباب، والشتائم.. ثم تلوح بقبضتك في وجهه، أو تطرحه أرضاً من شدة الضرب.. تستطيع أن تعلن ذلك وأنت تبتسم في وجهه، وتصافح يمناه.. بينما تجمع عليه كل شياطين الأرض، وتشبعه ألماً من خلف ستار، وبالنيابة عن كل أعدائه.
بلا ردة فعل تُذكر.. يشاهد العالم مئات الجثث تُخرج من تحت أنقاض الموصل، إلا من بعض قلق غير ذي أهمية اعتادته الأمم المتحدة في الجرائم التي ترتكب مع أبناء جلدتنا. مسبقاً كنا نعلم أن أيا من ذلك قد يحدث، وأن الباب مفتوحٌ لشتى الجرائم والفظائع والإبادات، مع إعلان عملية تحرير الموصل حتى وصل الأمر إلى أن تجمع داعش الناس في منطقة ما، ثم تأتي القاصفات الأميركية لتقصف هذه المنطقة بقنابل شديدة الفتك حتى أنها تبدو محرمة، وتترك القوات العراقية الضحايا تحت الأنقاض يموتون ببطء كي لا تفتضح هذه المجزرة، هذا إن لم يكن لشيء آخر.. الأمر الذي قد يفوق تصوراتنا.. ويلح في طرح أسئلة كبيرة؛ يا ترى مما تحرر الموصل؟ من داعش أم من أهلها؟.. وبين من العداوة؟ بين داعش ومن اجتمعوا لمحاربتها؟ أم بين الأطراف التي تبدو متقاتلة وبين أهل الموصل؟.. ما هذه الوحشية التي تختبئ في روح هذا العالم المتحضر، المتمكن بالسلاح حتى يتساهل في قتل كل هؤلاء الأبرياء بحجة قتل داعشي، أو اثنين؟ هل ذلك من ضرب أكثر من عصفور بحجر؟ المضي في تنفيذ خطة التقسيم والإبادة بغرض إتمام ذلك كما حدث في مناطق سابقة من العالم، مع الاستمرار في اتخاذ هذا الوطن وهذه الفئة من الشعب معملاً حياً مباحاً لتجريب الأنواع الجديدة من أسلحة الدمار التي تخرجها معامل الدول العظمى منذ سقوط بغداد كل حين؟ ألا يعد كل ذلك عداءً وحقداً خفياً من باب الإغراق في الألم؟.
في ليبيا سيناريو آخر، لكنه يبدو كمثال لهذا العداء.. هناك تتواجد داعش، ويتواجد من هو أشد بشاعة منها.. نابشو القبور، والمنتقمون من الجثث، والأموات.. حفتر وقواته الذين ضربوا الثورة الليبية بكل معاول الهدم المباحة لهم أمام تشتت الثوار الحقيقيين.. حين يَصمُت عن جرائمهم، وبشاعاتهم ذات العالم المتحضر الذي يفعل ما يفعل في العراق. ويُصر على إشراكهم في بناء ليبيا التي يريدها هو.. (متخلفة، يحكمها العسكر) مع منحهم التبرير، والعذر.. يكفيهم أن يقاتلوا داعش.. بينما يعد إرهابهم ليس إرهابا لأنه غير داعشي..
ألا يُعد ذلك أيضاً إعلان عداء خفي على هذا الشعب، وهذا الوطن؟.. ما يحدث في سوريا ليس من ذلك ببعيد.. وغيره مما لا يسعنا ذكره في مقال واحد.. إنه عداء مستمر متأصل على أمتنا، وشعوبها يمتد حتى وراء ما يحدث في بورما كما عرفنا مؤخراً.. وقد بتنا نعرف من خلفه، ونعرف أن بريق ابتسامته إنما نصل يمتد خلف ظهورنا.

بقلم : مها محمد
copy short url   نسخ
28/03/2017
3652