+ A
A -
«مشهد مرعب.. جثة رجل كاملة داخل ثعبان». كان عنوانًا جذبني لسبب لا أعرفه، فيديو مروع لي حقيقة، أنا التي أتحاشى مشاهدة تلك الأشياء الوحشية. فكرتُ كثيرًا بالشاب ذي الخمسة وعشرين عامًا، الذي ابتلعه ثعبان في حديقة منزله الخلفية. أثناء حصاد زيت النخيل في اندونيسيا. يا الله، كيف تأتي الخواتيم من جنس حياتنا!
كلنا سنموت، بلا شك.. سنموت في لحظة ما، ربما على الطريق المعتاد الذي نعبره يوميًا للعمل، ربما تحت دشّ الحمام، ربما على كرسي المكتب، أو أمام الموقد أثناء تحريك الشوربة. ربما يموت أحدنا وفي جيبه مبلغ مسروق، لأنه اعتاد ذلك، أو وهو ينهي خدمات المراجعين، أو وهو يصغي لسورة يوسف، كما حدث للشاعر محمد الماغوط. أو وهو يغني مثلما انتهت حياة طلال مداح على المسرح.
من النادر أن تنتهي حياة لص وهو يتصدق على الفقراء مثلاً، أو يموت مزارع غرقا بين أمواج البحر. غالبًا سنموت في تفاصيل حياتنا، الأشياء التي نمارسها هي ما سنموت عليها، إلا في حالات نادرة. لحظة الموت، تلك اللحظة التي لن نعرفها.
«كم من سليم مات من غير علـة
وكم من سقيم عاش حيناً من الدهـرِ»
هكذا قال الشافعي. الأمر الذي يجعل موت الأخيار آمنًا (بعد أمر ربي)، وموت الأشرار مفاجأة غير مرحب بها. إنني لا أدعو لثقافة إماتة الحياة، بل أدعو للحياة ذاتها، الحياة باعتبارها سيناريو هادئا، يُنبئ بنهاية غير مفجعة. إذا كنت تعمل من أجل إطعام عيالك، أو تعليم الناس، معالجة مرضى، انقاذ أرواح، انجاز مهامك، إن كان ضميرك قائدك، فالله سيكون معك في اللحظة الأخيرة. أما إذا سرتَ نحو الرذائل فإنك ميت عليها إلا إذا رحمك الله بالتراجع والتوبة. هل يبدو مقالي وعظيًا؟ لابأس، أردتُ مشاركتكم لحظات تأمل خاصة. إنني دائما ما أفكر في خواتيم أعمالي، لا أحب أن يأتيني الموت وأنا متجهة للمعاصي أو التخريب أو ضرر الناس. إنني أخشى إن رأيتُ طائرًا محبوسًا في بلكونة بيتي أطلقه، أخاف أن أموت قبل ذلك. إن هذا لا يجعلك تفكر بالموت، بل بالحياة.. الحياة الطيبة النقية ليس إلا.
بقلم : كوثر الأربش
copy short url   نسخ
30/03/2017
4957