+ A
A -
• لا يوجد مسوغٌ لارتكاب الرذائل أقوى من أنَّ الشيطان طغى؛ ذاك الذي يجري مجرى الدم، ومن الأولى؛ كان يجب التعامل على نحوٍ عادلٍ ومنصف مع الرجل والمرأة في النهر والنصيحة والاعتراف بالخطأ والسماح بالتصحيح فالغفران، إلا أنَّ الأمر للأسف؛ مختلفٌ تمامًا في مجتمعاتنا الذكوريَّة، فالمجتمع يشفع للرجل ويُعزِّي ما يقع فيهِ من براثن على أنها طيش، بينما المرأة فإنَّ الأمر يتحول معها إلى جريمةٍ لا تُغتفر، وتقِل فُرصها في مناشط الحياة بشكلٍ ملحوظ! الموضوع لهُ أبعادٌ كبرى ويحتاجُ إلى موقفٍ مجتمعيٍ جاد، ولكن يمكن القول إنَّ حلّ هذه الأزمة يكمُن في العدل والرحمة الربانية التي أقرها الخطاب القرآني للرجل والمرأة على حدٍ سواء قال الله تعالى: «قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ»، وقال أيضا: «وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ».
• إنَّهُ لا يُمكن لنا أن نُغلق آذاننا وأبوابنا عنِ الثقافة العالمية التي نعيشُها مع مدِّ الإعلام الجديد الذي جعل الكون قرية عالمية صغيرة؛ جسَّرَت المسافات الكبيرة بين أطياف الأديان والمذاهب والملل، وجعلت العالم أمام أمرٍ واقع؛ أمام حلّ التعايش السلمي الإيجابي، أو التناحر المُهلِك السلبي! إننا نحتاج إلى الآخر لنأخُذ منهُ ما يُفيدُنا ويعيننا على أمر ديننا ودنيانا؛ نأخُذ منه ما يتفقُ مع عقائِدنا وقِيمنا ومبادئنا وثوابتنا وأخلاقنا، حيثُ منَ الخطأِ أن نتهم كُل ما يَردُنا من الآخر على أنَّهُ غزو ونخر عقلي وديني ودنيوي؛ فهي ليست فاسدة في مجموعها، وفي الُمقابل نحنُ بحاجة ماسَّه إلى نشرِ تعاليم ديننا وتوجيهاته الساميَّة ليستفيدَ مِنها الآخَر، فإسلامُنا الحنيف الذي يُقِرّ بمبدأ الحرية الدينية؛ يُقِرّ كذلك بمبدأِ السَماحة الإنسانية التي تُؤكد حقوقَ المُحتاجين جميعًا في أن ينالوا المساعدة والعَون دونَ نظرٍ لعقائدهم المُختلفة عنّا.
• عجبتُ من هذه الأيام؛ تفيض علينا بأشخاصٍ نودّهُم ونحبهم كأعيننا، ونتنازل كثيرًا عن حرياتنا وأوقاتنا الخليصة لأجلهم وفي المقابل تجدهم يظنونك محرقةً يطفئون بكَ آلامهم وأحزانهم؛ فتجدهم يقرعون طبول الحرب معك في كل حين، فبظنهم مزاجهم المعكَّر وأقدارهم التي لا ترضيهم سببٌ رئيسيٌّ يدفعهم لذلك، ورغم أننا علينا أن نتحمل عثرات من نحب ونجُبّ الخطايا لتستمر الكثير من العلاقات الإنسانية الهامة؛ إلا أنَّ ذلك ليس سببًا يجعل الآخرين يتطاولون علينا ويشتاطون نرجسيةً وغضبًا ووعيدًا كلما نزلت بهم نازلة وألَمَّ بهم حدثٌ من أحداث الحياة المتفاوتة. المحبَّة تتمثل في تقاسم الحياة مع الآخر لا في توزيع الآلام، كم أغبط أنموذج الإنسان الذي يكُبُّ أوجاعه في جعبةٍ عميقة ويصافح الحياة ومحبيه بابتسامة تدفهم نحو الحياة أكثر؛ قدر استطاعته، وقدر أوجاع الآخرين الذين لا يتحملون أن نهديهم المزيد.

بقلم : خولة مرتضوي
copy short url   نسخ
07/04/2017
3213