+ A
A -
مع اقتراب نهاية الولاية الثانية للرئيس الأميركي باراك أوباما تتزايد المؤشرات على أن العلاقات العربية الأميركية قد أصبحت على مشارف مفترق الطرق، فلا أحد من الجانبين، العرب والأميركيين يعرف على وجه من اليقين كيف الخروج من وضع الشكوك المتبادلة في الوقت الحاضر، ولا من وضع الريبة الذي ينتظر هذه العلاقات في المستقبل القريب عندما يصل رئيس جديد إلى البيت الأبيض في نوفمبر القادم.

هناك أزمة ثقة لم تعد تجدي معها محاولات التجميل من الجانبين. وهناك انقطاع في العمل المشترك على صعيد السياسات والمواقف، وهناك بدائل مطروحة وكأن كل طرف قرر أن يعطي ظهره للآخر. مشاهد لم تحدث من قبل في تاريخ العلاقات العربية الأميركية. محاولات إنقاذ ما يمكن إنقاذه قائمة بالفعل، والمؤكد أن العلاقات لم تصل إلى مرحلة القطيعة أو اللا عودة، ولكن ما لا يمكن إنكاره أن هناك فتورا يصل إلى حد الافتقاد إلى الثقة، وأن هناك مراجعة للعلاقات برمتها وطالما هناك مراجعة يصعب الحديث عن أنها ستعود إلى سابق عهدها على الأقل لبضع سنوات مقبلة.

ولأن الأزمة لها طرفاها فإنها تخص العالمين العربي والإسلامي، وبالنسبة لهما لا يقف التراجع في طبيعة العلاقات عند حاضر الوقت وإنما يمتد إلى المستقبل القريب. فإذا سارت الانتخابات الأميركية على نحو ما تشير إليه الانتخابات التمهيدية فإننا أمام واحد من احتمالين هما إما أن تصل هيلاري كلينتون من الحزب الديمقراطي إلى البيت الأبيض، أو دونالد ترامب من الحزب الجمهوري، وكل منهما لا يبشر بحدوث تحسن في العلاقات استنادا إلى ما هو متداول من معلومات عن توجهات كل منهما. هيلاري كانت جزءا من إدارة أوباما في ولايته الأولى (وزيرة الخارجية). وصولها إلى البيت الأبيض لن يكون مريحا للنظم والمجتمعات العربية الراهنة لأنها لن تنسى لها أنها كانت رأس حربة ضد استقرارها وأمنها. ووصول ترامب إلى البيت الأبيض لن يكون أفضل حالا بل ربما يكون أسوأ بالنظر إلى مواقفه العدائية ضد المسلمين والمهاجرين عموما في الولايات المتحدة.

ومثلما قاد حاضر الزمان أوباما وإدارته إلى التخبط والارتباك ثم المجاهرة بالخلاف، قاد حاضر الزمان أيضا العالمين العربي والإسلامي إلى نفس النتيجة بسبب الانقسام وصراع المصالح والعجز عن الحركة الفعالة، وهكذا يعيشان نفس الوضعية أي الوقوف عند مفترق الطرق في علاقاتهما مع الولايات المتحدة. وبالنظر إلى تقديرات المستقبل ليس هناك ما يدلل على الوضع يمكن أن يتحسن داخلهما بمعنى أن حالة الريبة ستظل قائمة مثلما هي قائمة على الجانب الأميركي. وذلك لأن معالم التغيير لم تكتمل بعد في مناطق أزماتها المشتبكة مع السياسة الأميركية.

أما وأن الوضع قد وصل من التعقيد مداه، فإن مسار العلاقات قد يأخذ واحدا من خيارين، الأول هو خيار الضرورة بمعنى أن كلا من الطرفين لديه اقتناع باستحالة وصول العلاقة إلى حد القطيعة لأسباب عديدة أقوى من أي خلاف، تتعلق في مجملها بوجود مصالح حيوية تربط بينهما. هنا يتعايش الطرفان مع الخلافات حفاظا على المصالح ولكن من منطلق الضرورة وليس من منطلق الصداقة والتحالف. وأما الخيار الثاني فهو خيار المراجعة بهدف وضع قواعد جديدة للتعاون، وهذا بدوره يعني أن كلا منهما حريص على استمرار العلاقة ولكن ضمن شروط يتم الاتفاق عليها تسمح بالمواقف المستقلة لكل طرف دون النظر إليها على أنها عدائية له بالضرورة.



بقلم : عبدالعاطي محمد

copy short url   نسخ
30/04/2016
2240