+ A
A -
مخيبٌ ما نراه بعد عقود من دعاوى حرية المرأة، وكل المؤتمرات، والمنظمات التي أنشئت من أجل ذلك.... أن يتحرر أكثر ما يتحرر جسدها، ويبقى فكرها مقيداً بما يصنعه لها، وما يريده منها تجار العصر الحديث. بمعنى أنها دخلت طور عبوديةٍ أشد فتكاً بذاتها من زمن الحرملك، ومنع التعليم عنها، فبعد ان كانت الدعوى لتحرير عقل المرأة، وفكرها من معتقل المنزل، والرجل، والجهل، عادت لتدخل معتقل الجسد، ولا أدل من ذلك هذا الفيضان النسوي في وسائل التواصل الاجتماعي، وعلى شاشات البرامج الفضائية الذي تعرض فتنة جسد فلانة، وآخر لوك لعلانة حتى أصيبت الكثير من النساء بهوس الجمال، وأصبح أكبر همهن الحصول على مواصفات الفاتنات في وسائل الإعلام بكل الطرق التي انتشرت في عيادات التجميل، تلك المواصفات التي جعلت هؤلاء النساء يبدون كنسخ متشابهة.. وبلا مبالغة فإن جزءا كبيرا من التجارة العالمية أصبحت تقوم على حسابهن.. أما الخيبة الكبرى لهذه الدعوى حين أقنعوا المرأة أن دورها أكبر من المنزل، والأطفال وأنها يجب أن تثبت ذاتها بعيداً عن هذه المملكة دون حدود واضحة. فخرجت بعض النساء كي تثبت ذاتها بعيداً جداً، وكأن دورها يقتصر على الإنجاب فقط، وعلى الطبيعة أن تربي من أنجبتهم لتترك خلفها جيلاً من الشاذين، أو المضطربين عاطفيا أو سلوكياً. من خلال جائزة الأم المثالية التي تقام في الكويت نجد أن المحتفى بهن أمهات قدمن أجيالا مميزة، ومعطاءة لبلدهم كالسيدة الكويتية التي خرج من ابنائها ثمانية أطباء.. بمقارنة بسيطة نجد الفرق بين ان تثبت المرأة ذاتها من خلال العمل أو أن تثبت ذاتها من خلال ما تمنحه من أبناء مميزين حيث يكون العطاء هنا أكبر. ومن يتشدق بحجم الإنجازات التي وصلت إليها المرأة، فليقارنها بما أصابنا من انتكاسات.
ربما نعود الآن إلى الماضي لنصل إلى نتيجة مفادها أن الثورة من أجل حقوق المرأة لم تقم على أسس صحيحة أصلاً، ونتجت عن فكر مضطرب في ذلك الزمن بين الانغلاق المفرط، والانفتاح الصادم.. بين توجه الغرب الذي كان يهدف في الدرجة الأولى إلى إخراج المرأة من بيتها كي تعمل في مصانع الحضارة الحديثة، وبين الشرق الذي كان قد فقد بوصلته وانحرف عن منهجه الصحيح، فتلقف ذلك المستعمر المترصد بروح الشرق، وأخلاقه فكان أن جعلها دعوى حق أريد بها باطل، والنتيجة ما نرى. ولا يستطيع أن ينكر احد أننا اليوم أكثر وعياً، ومعرفة من أُناس تلك الحقبة مهما وضعت حولهم هالات التنوير. من مذكرات هدى شعراوي نضرب مثلاً بسيطاً تقول:(إنه مما كان يؤلمها ويشعرها بظلم الرجل للمرأة أن زوجها كان يمنعها من تدخين سيجارة حين تحتاجها لتهدئة نفسها). وضع تحت جملتها هذه ما شئت من خطوط حمراء. في النهاية ما نريد قوله إنه وجب علينا تجديد هذه الدعوة على أسس صحيحة، ومن منظور ما نمتلكه من نتائج، ومنهج صحيح بعيدا عن المصالح الشخصية لمن يملكون الريادة، والتجارة.
بقلم : مها محمد
copy short url   نسخ
25/04/2017
3373