+ A
A -
الحياة.. ماذا تعـني لنا هـذه الكلمة؟ إنها حياة الإنسان الـتي يعـيشها بحلـوها ومرها، راضيا بكل ما تفـرضه عـليه حياته في ظروف قاسية يقف أمام أمواجها المتلاطمة.. فالحياة بحلوها: لحظات خاطفة تمر بالإنسان دون أن يحس بها.. والحياة بمرها: هي التي يتمنى الإنسان بأن تكون لحظات خاطفة ولكنها تستمر معه، فهل يعـيش الإنسان حياته فـقط مرها وحلوها بلحظاتها الخاطفة، فإن استطاع العـيش.. هل يستطيع التحمل والصبر، أو أنه سينفجر من ظروف الحياة القاسية من الوهلة الأولى؟ لـقد خلق الله الإنسان لعـبادته وجعـل من الـدين أساس الحـياة.. والصبر صفة للإنسان القانع الذي يكون راضيا بحكم وقـدر خالقه فـيا لحكمة الله العـظيمة.
الحياة حلوة ولا بد للإنسان أن يكون دائم التفاؤل، أما إذا استـفحل التشاؤم بالنفس، فإن الفـناء لابد أن يـغـزو الجسم عـضوا عـضوا، وأذكـركم بما قاله أحـد الـفلاسفة لعـلها تنفع في المواقـف الـتي تصاب فـيها النفس بالانقباض: إن من أكبر مآسي الحياة أن يموت شيء داخل الإنسان وهو ما زال حيا.
من الأمور التي قـد تجعـل الحياة مرّة بعـض رؤساء العمل الذين ينظرون إلى علاقاتهم مع مرؤوسيهم من زاوية فـوقـية بمعـنى أنهم يتحاشون أدنى اختلاط بهم، ويضعـون بينهم وبين هؤلاء المرؤوسين حاجزا من الرهـبة والخوف.. والأدهى أن البعـض منهم يظن أن ابتسامته في وجه مرؤوسيه تقلل من شأنه وتجعـل المرؤوس لا يهابه، تفكير غـبي لا شك.. لذا فهؤلاء يرون دائما وتكشيرة عـبوس مخيمة عـلى وجوههم وهم بطبيعة الحال عـلى خطأ فالعـبوس الدائم من المدير في مواجهه الموظفين ينفر هؤلاء من العمل ولا يهييء لهم الجو المناسب للعمل وقد يدفعهم الخوف إلى ارتكاب الأخطاء، لأنه في ظل جو الإرهاب لا يمكن أن يمارس الموظفون الإبداع.. فـتعالي الرئيس عـلى مرؤوسيه وقسوته عـليهم لن يؤديا إلا إلى كراهـية الموظفين لعملهم وتدني مستوى الأعـمال التي يؤدونها.
* * ستكون الحياة حلوة إذا بدأنا في إصـلاح الذات، وصارحنا أنفسنا بحقيقة أنفسنا، إلا أن الإنسان لا يخشى شيئا قـدر ما يخشي قـول الحقيقة لأنها وحدها التي تعـريه وتكشف حقـيقة كونه شيئا أو لاشيء، والحقيقة أننا جميعا نخشى قـول الحقيقة ونخاف من مصارحة أنفسنا بعـيوبنا ونتلهى عـن ذلك بالبحث عـن مساوئ الآخرين وعـيوبهم.. إن «الأنا» الكامنة داخل كل منا لا تجد من يردعها، وهي تصور لنا مساوئنا عـلى أنها فضائل، فـتبعـدنا بذلك عـن إصلاح الـذات.. إن الحقيقة ليست سيفا مسلطا عـلى الرقاب، بل هي البلسم الذي يساعـد المرضى عـلى الشفاء، ويرشد الضال إلى الطريق الصحيح.. ونحن مهما ادعـينا بأننا قادرون عـلى مصارحة أنفسنا.. نظل بعـيدين عـن الحقيقة.. ويظل السؤال مطروحا: هل حقيقة أننا نخشى قـول الحقيقة ولماذا هل نحن جبناء مع أنفسنا.؟!

بقلم : سلطان بن محمد
copy short url   نسخ
03/05/2017
2840