+ A
A -
في السابق كان يقال إننا دول تعوم على بحار من الثروات، ويبدو أننا اليوم أصبحنا نعوم على فوضى امنياتنا، ورؤانا المستقبلية.. نريد ان نصل للأمان، وألا نعود دولا فقيرة باستخدام الوسائل الكثيرة التي أصبحنا نملكها، مقابل الغايات التي نسعى لها، بينما تسود ثقافة عالمية مادية تركز على خدمة البدن، ولا تلتفت للروح، وتجعل الإنسان الذي وحدت العولمة همومه واهتماماته في الشرق والغرب يسير خلف رؤى معينة تعزز الأنانية الفردية، والمصلحة الآنية الخاصة. ذلك جعلني كلما رأيت تلك الرؤى والأهداف المستقبلية الجميلة الموضوعة بخط جميل على جدران المدارس، وفي قلب المؤتمرات اتساءل يا ترى هل ستتحقق هذه الرؤى يوماً ما؟ وهل سنصل إليها في العام الذي حددناه؟ وهل أوجدنا بالفعل ذلك الإنسان الذي من المفروض أنه يعمل على تحقيقها الآن؟
التعليم مازال يبحث عن رؤية في مدارسنا؟ وأبناؤنا يكرهون الدراسة، والمدارس، وحيث تغيب التربية، وحيث أصبح الضبط السلوكي دوامة يومية تعيق عملية التعلم ناهيك عن تعميق المعاني الوطنية، والرؤى المستقبلية. ابناؤنا في أوروبا يلبسون الماركات من رأسهم حتى أخمص قدميهم مع ما يلزم ذلك الظهور من تجميل، وكأنك تشاهد عرضا مترفاً لما يملكه هذا الشباب، فهل باعتقادكم مثلاً أن هذا الشباب الذي يقلد الغرب في المظهر يستطيع أن يشارك في هذه الأهداف، والرؤى المنشودة؟. من سيحقق هذه الرؤى في وقتها؟ ومازال هناك الكثيرون الذين يسعون لمصالحهم ويتمسكون بمناصبهم، وكيف سنحقق هذه الرؤى ومازال هناك فاسدون لا يعني لهم الوطن إلا مقدار ما يستطيعون الاستفادة منه؟.. كيف سنحقق هذه الرؤى وهي لا تكاد تلامس حتى وعي الكثيرين منا ولا أحلامهم؟.
أسئلة كثيرة نحتاج لطرحها، والمقال لا يتسع لها في محاولة لكسر تلك الدائرة التي ندور فيها منذ سنوات، ولكي نراجع بأمانة ما وصلنا إليه فعلياً في سبيل تحقيق هذه الرؤى.. صحيح أن المدن تنشأ، والعمران يتمدد، والأبراج تنتشر، لكن ما هو حال الإنسان عندنا؟ وأغلب ما نراه يبعث على القلق، وأكثر ما نتقدم فيه هو الإغراق في الماديات، والتفاهات التي باتت تجلب ملايين المتابعين، والكثير من المال.
ربما يكون هذا الطرح سوداوياً لكنه واقعي يستند إلى ما هو حادث، الغرض منه تحريك المياه الراكدة، والخروج من صندوق الأمنيات إلى شارع الحقيقة، الغرض منه هو التذكير، ودق أجراس الخطر كلما تواجد لأننا بالفعل نحتاج إلى أن نسابق الزمن قبل أن يتسرب من بين يدينا، ونصحو على سراب وقد فقدنا الوسائل، والغايات.

بقلم : مها محمد
copy short url   نسخ
09/05/2017
3183