+ A
A -
مِنَ المرِيحِ جدًا أنَّ درجاتَ القُربِ مِن الله متعددة؛ بِتعدُدِ أنفَاس البشَر، فيا ‏ربِّ ارحَمنا وقرّبنا إليك، فما خاب من اختار قُـربك، ويا ربِّ اهدنا إلى طريقـكَ، فما ضـلّ من اختارَ طريقك.
سبحان الله؛ صدَق إخواننا المصريون حينَ قالوا: «اللي يعيش ياما حيشوف»؛ بعضُ الناس يزدري نفسَهُ بشكل غريبٍ مُقَزِز، فتراهُ ينظُر إلى مَن يعلوهُ مقامًا وعلمًا؛ نَظَرَ الحيوان الأعجم إلى الحيوانِ الناطق، فهو لا يعرف التفريق بينَ التواضُعِ وصغَرِ النَفس، وبين عُلُو الهمَّةِ والكِبر، ورُبما كان يعرف فليس كُل ما يعرفُهُ المرء يطبِقُهُ على نفسِه!
إنَّ التَذلل والتملُق الدنيء ليس تواضُعًا، كما لا يعتبر سُموُ المرءِ عن الدنيا كبرًا، فالتواضع ليس إلا الأدب والكبر ليس إلا قلة في الأدب، وما سلوكُ هؤلاء إلا قلةُ أدبٍ نحو النفس التي أعزَّها الله، وتشويه مقزز لشكلِ العلاقات التي يجب أن تبنى على الاحترام، لا على تمسيح الأجواخ الذي يُصَغِّر في قومٍ (صِغار) ويُكَبِّر رأس قومٍ (صغار) لأسبابٍ وضيعة دائمة.
بعضُ شبابنا يعتقد (بِبُؤس)؛ أنَّ الارتباط بفتاةٍ ذاتِ مزايا علمية ومهنية معينة يُعَدُ إضافةً نيِّرة لسيرتهِ الذاتية وأمجادِهِ الحياتيَّة.
لا يخفى على الجميع الأوضاع المأساوية التي يتعرض لها إخواننا المسلمون في الصومال من جوعٍ، وقتلٍ، وخوف، ومرض، وسلبٍ ونَهب، فوسائل الإعلام المختلفة تعرض لنا يوميًا لما يحدثُ في هذا القُطر القريب البعيد؛ حيثُ يعيش هؤلاء تحت مستوى الفقر بمراحل في أحوالٍ معيشية صعبة لا يقبلها عقل ولا ضمير حي.
إنَّ الجماعات الإرهابية في الصومال ركزَت جهودها على إبادة الأسر الفقيرة، حيث يستولي هؤلاء على أكثر من 80 % من المعونات الغذائية والدوائية الموجهة من جهات عالمية للبلاد، مما يسبب تفاقم المجاعة، وموت العديد من الأطفال والنساء بصفة خاصة؛ ممن لا يستطيعون تحمل الجوع والمرض لفترة طويلة، الأسوأ أنَّ بعض هذه الجماعات، التي تعلن انتماءها لتنظيم (داعش أو بوكو حرام) على الأغلب، تقوم أيضًا بتلويث المياه النظيفة في البلاد وتروع الآمنين، دون أن تتصدى لهم السلطات الصومالية أو أي جهة عالمية أخرى.
إنَّهُ علينا أن نقدم الكثير لإخواننا في الصومال؛ وأهمُها الدعاء وبذل كل ما لدينا من سعَة لنخفف عنهم هذا المصاب الجلل، فاللهم أغثهم، وارزقهم من حيث لا يحتسبون، وارفع الكرب عنهم وارحمهم برحمتك التي وسعت السماوات والارض.
فرقٌ كَبير بينَ نُضوجِ الجَسَد ونُضوجِ النَفس، فقد ينضُج الجَسَد ويكتمِل، والنَفسُ لا َتزالُ على حالِها؛ نَفسُ طِفل، فلا تَغُرَنَّكَم بعد اليومِ التَضارِيس! صَدَقَ حسّان بن ثابت؛ حينَ قال في وصفِ هؤلاء الأَخْوِيَة: لا بَأسَ بالقومِ من طولٍ ومِن عَظمٍ...... جِسمُ البِغالِ وأَحلامُ العَصافيرِ!
إعلاميَّة وباحثة أكاديميَّة
بقلم : خولة مرتضوي
copy short url   نسخ
12/05/2017
2918