+ A
A -
سبق القرآن جميع العلماء في الكشف عن حقيقة كونية من صنع الله وحده هي أن كل شيء يتحرك حركة دائرية كأنها الطواف، وكما أن الطائفين يتحركون حركة دائرية فإن الأرض ذاتها تدور، وكل شيء في الفضاء يدور. الأرض تدور حول الشمس، وتدور حول نفسها، والقمر يدور حول الأرض، والقمر أيضا يدور حول محوره. وهناك ثمانية كواكب تدور حول نفسها وتدور حول الشمس، والشمس أيضا تدور حور محورها، والأرض تسكن في مجرة ضخمة تدور فيها نجومها، وتدور المجرة حول نفسها كأنها عجلة ضخمة.. إنه على بعد مليونين من السنوات الضوئية يوجد سديم أكبر من مجرتنا مرتين وعلى مبعدة منه تنتشر ملايين المجرات تدور بنجومها كما تدور مجرتنا بنجومها.
وهذه هي الحقيقة التي توصل إليها العلم الحديث بعد دراسات وأبحاث وبعد التوصل إلى صناعة آلات وأجهزة ومركبات فضائية وقد أشار إليها القرآن منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة.
والحقيقة العلمية أن السماوات مقسمة إلى مجرات وسدم وأفلاك وأبراج، وكلها تدور ويشير الدكتور عبد المحسن صالح، إلى أن العلم توصل إلى أن في مجرتنا وحدها 40 ألف مليون نجم فما بالنا ببلايين فوق بلايين في ملايين المجرات الأخرى.. وتفصل بين النجوم مسافات واسعة لا تدركها الأبصار ولا العقول، وهذه النجوم ضخمة ولكنها بالنسبة للفراغ الذي تسبح فيه تبدو صغيرة، وقد سجل العلماء نجما في مجرتنا يبلغ قطره 700 مليون ميل.. وفي الكون المترامى حولنا في الفضاء اللانهائي نرى فيه بلايين النجوم كأنها واقفة لا تتحرك وهي في الحقيقة تدور وتسبح ونحن في أرضنا ومجرتنا ندور معها ونسبح.
ومن المدهش أن في خلايا كل إنسان بلايين من الذرات تدور حول نفسها وهي «الكروموسمات» التي لا يمكن رؤيتها إلا بالميكروسكوب الإلكتروني لنراها أكبر من حجمها الحقيقي 160 ألف مرة ويرى العلماء هذه الكروموسمات من خلال الميكروسكوب الالكتروني وكأنهم يرون مجرة من مجرات السماء، فكان ما يجري داخل جسم الإنسان يماثل ما يجري في الكون دلالة على عظمة الخلق هنا وهناك، ولكل نظام قوانين خاصة تسير عليها أفلاك السموات وكائنات الأرض، وليس هناك ما يحير العقول أكثر من لغز الحياة على الأرض، ولغز السماء وما فيها، وإذا فكر العقل البشري في حل كل الاسرار في الحياة؛ في الأرض وفي السماء فلن يستطيع أن يدرك كل شيء، لأن قدرة الخالق أكبر من أن يصل اليها المخلوق، ونحن بالعالم تأكدنا أن النجوم والكواكب والمجرات تدور وفي داخل الإنسان حركة دائرية لا تنقطع ما دامت فيه حياة ولكن لم نعرف من أين بدأت البداية ولا أين ستنتهي لأن العلم بذلك عند الله وحده.. وعندما يتوقف الدوران في الكون وفي الإنسان تكون هذه هي نهاية الحياة فيهما. لو توقفت النجوم عن الدوران فسوف تتجاذب وتلتحم ويحل الخراب في الكون، ولأن الحكمة الإلهية جعلت كل شيء يدور وجعلت الدوران مرتبطا بالحياة فإننا نجد ذلك في أصغر شيء في الوجود وهو الذرة كما وجدناه في الوجود الأكبر في الكواكب والنجوم، فهذه الذرة المتناهية الصغر التي لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة فيها الالكترون يدور حول النواة كما تدور الأرض حول الشمس وكما يدور الطائفون حول الكعبة.
وكلما تقدم العلم تزداد الأدلة على وجود الخالق وقدرته وعظمته، ويزداد ويتعمق الإيمان بكل ما جاء في القرآن كتاب الله العليم الخبير وسبحانه القائل «ولقد جئناكم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون»( الأعراف الآية 52). والقائل سبحانه «ما فرطنا في الكتاب من شيء» (الأنعام الآية 38).
بقلم : رجب البنا
copy short url   نسخ
20/05/2017
4751