+ A
A -
- 1 -
ظللنا نكتب ونقول: لقطر محبة وود في قلوب السودانيين، والأمر يتجاوز حسابات السياسة، وأرقام الاقتصاد والممالقات الدبلوماسية. السودانيون مشاعرهم عزيزة عليهم لا يمنحونها إلا لمن يستحق، فمحبتهم لدولة قطر كلمة السر فيها أنها دولة جديرة بالاحترام قوية، بلا تعالٍ وغرور، وكريمة بلا منٍّ أو أذىً، ووفية لصداقاتها في السراء والضراء.
كل الدول الصديقة ومن بينها السودان تجد قطر إلى جوارها، في ظروف الشدة وعند العسر وأيام الضيق.
كثيرةٌ هي الدول التي تُسرف في الحديث وإطلاق الوعود، ولكن قطر دولة لا تعرف الثرثرة والادعاءات العراض والسحب الكذوب التي تعد ولا تفي.
قطر الأفعال عندها أبلغ وأسبق من الأقوال، والأقوال في دبلوماسيتها على مقاس الصدق والأمانة، وفي حدود المعنى المراد، وكل شيء في موضعه بديع بلا تزيّد ولا مزاعم.
- 2 -
أكثر المتشائمين ما كان ليتوقع أن يصل الخلاف داخل البيت الخليجي إلى ما وصل إليه من تشاحن وعدوان.
في كُلِّ التجارب الخلافية السابقة، كان حكماء دول الخليج من أمراء وملوك ومشائخ لهم المقدرة والإرادة على حسم الخلافات في أطوارها الأولى، قبل أن تتصاعد وتخرج من نطاق البيت الواحد، ومن السيطرة والتحكم في المآلات.
الآن الوضع يُنذر بالخطر وهو خطر لا يُهدِّد دول الخليج وحدها، ولكن يمتدُّ لكُلِّ المنطقة العربية والإسلامية.
ظلت دوماً دول الخليج تُمثِّل مركز الثقل في المنطقة العربية والإسلامية، فهي التي تقود المبادرات وتُسارع بالنجدة عند النائبات.
دول الخليج كان لها القدح المُعلَّى في تحقيق مشاريع السلام في عددٍ من الدول العربية والإسلامية، مثل لبنان والسودان وبين الفصائل الفلسطينية.
- 3 -
دخول دول هذه المنطقة الاستراتيجية والحيوية في نفق الأزمة الأخيرة، يُعقِّدُ الأوضاع ليس في حدودها الجغرافية، ولكن في كُلِّ المنطقة، بل الآثار السالبة قد تمتدُّ لكُلِّ العالم، فحدوث أزمات كبرى بالمناطق الحيوية في العالم، بكُلِّ تأكيدٍ له مرتبات اقتصادية وأمنية على الجميع؛ شرر الحريق لن يستثني ثياب دولة قريبة أو بعيدة.
- 4 -
أمرٌ جيّدٌ ومُوفّق، أن تتخذ الدبلوماسية السودانية الموقف الذي أعلنت عنه في بيانها المُتعلِّق بالأزمة الخليجية الراهنة.
البيان جاء مُتوازناً ودقيقاً في تحديد ملامح الموقف.
جميع أطراف الأزمة لم يسعوا لجرِّ السودان لهذا الصراع، باتخاذ موقف مُساند لهذا أو مناوئ لذاك.
السودان مثل دول أخرى، حتى داخل الفضاء الخليجي، له علاقة متميزة مع أطراف الصراع، بل هذه الوضعية تجعله من أكثر الدول تأهيلاً للقيام بدور الوساطة.
لذا كانت خطوة الرئيس عمر البشير الأولى الاتصال بأمير الكويت للتنسيق لإصلاح ذات البين بين الأشقاء.
- 5 -
الكويت والسودان وكثيرٌ من الدول ترى في تصاعد الأزمة خطراً كارثياً على المنطقة، يُهدِّدُ أمنها واستقرارها.
هذه الحقيقة لا تغيب عن الجميع، خاصة مع وجود جهات عدَّة ذات أجندة شريرة، تستفيد من اندلاع هذه الأزمة وتستثمر في خرابها، الأزمة تُعتبر الأخطر في تاريخ المنطقة.
قناعتي أنه لن يمضي وقتٌ طويلٌ على عودة الوعي وإدراك المخاطر المُترتِّبة على هذه الأزمة، فسرعان ما ستكتشف دول الخليج أن ما يجمعها من قربى وصلات أكثر من الذي يُباعد ويُفرِّق بينها.

بقلم : ضياء الدين بلال
copy short url   نسخ
11/06/2017
2930