+ A
A -
خلال حملة الرئاسة الأميركية اتهم دونالد ترامب الصين بأنها «تغتصب الولايات المتحدة».
وفي اليوم الأول لتسلّمه الرئاسة اتهمها بالمتاجرة بالعملة على صعيد عالمي وبكيفية ابتزازية. وبعد أسابيع في البيت الأبيض أعلن انه لن يلتزم بمبدأ وحدة الصين (وحدة الصين وتايوان) الذي اعتمدته كل الإدارات الأميركية السابقة له.
ردّت الصين يومها وعلى لسان رئيسها تشي جين بينغ بأنه إذا غيرت واشنطن موقفها فإن بكين سوف تجمّد كل العلاقات مع الولايات المتحدة.
التقى الرئيسان في فلوريدا. ومنذ ذلك الوقت انقلبت سياسة الرئيس ترامب رأساً على عقب.. وبدأت هداياه التي لا تقدّر بثمن تنهال مجاناً على الصين.
من هذه الهدايا:
أولاً: اتخذ الرئيس ترامب قراراً بتخفيض موازنة وزارة الخارجية وموازنة المساعدات الخارجية بنسبة 28 %. وبالمقابل ضاعفت الصين ثلاث مرات من موازنة وزارة خارجيتها كما ضاعفت من حجم مساعداتها الخارجية إلى دول في افريقيا وآسيا. ويبلغ حجم هذه المساعدات 1.4 ألف مليون دولار. وبالمقارنة فإن حجم مشروع مارشال الأميركي بعد الحرب العالمية الثانية يقدّر بقيمة العملة اليوم بحوالي 100 مليار دولار فقط. لقد قرر الرئيس ترامب زيادة موازنة وزارة الدفاع على حساب موازنات وزارة الخارجية والبيئة والشؤون الاجتماعية وسواها. وهذا ما فعله من قبل الاتحاد السوفياتي الذي أولى الشؤون العسكرية الأفضلية على سائر الشؤون الأخرى.. وكانت النتيجة كما هو معروف.
ثانياً: قررت إدارة الرئيس ترامب تخفيض مساهمتها المالية في موازنة منظمة الأمم المتحدة. وبالمقابل قررت الصين زيادة مساهمتها بنسبة كبيرة. وتشمل الزيادة المؤسسات التابعة للمنظمة الدولية والمنبثقة عنها. فالصين اليوم تتبوأ المركز الثاني بين الدول التي تموّل قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. وهي تشارك بعدد من الجنود في هذه القوات أكثر مما تساهم به الدول الأربع الكبرى الأعضاء في مجلس الأمن.
طبعاً لم تقدم الصين كل ذلك لوجه الأمم المتحدة، فالمساهمات المالية واللوجستية العسكرية– الادارية تفتح أمامها أبواب تبوأ مواقع بارزة في المنظمة الدولية وفي المؤسسات التابعة لها.
ثالثاً: انسحبت الولايات المتحدة بقرار من الرئيس ترامب من معاهدة نافتا (التي تضم دول المحيط الباسيفيكي). ولم تكن مهمة المعاهدة تطوير ورفع مستوى التبادل الاقتصادي بين الدول المنضوية في عضويتها فقط، ولكن مهمتها الرئيسة والأولى كانت تشكيل قوة دولية اقليمية للوقوف في وجه التمدد الصيني السياسي– عبر الاقتصاد- في شرق آسيا. أما الآن فبالانسحاب الاميركي، سقطت المعاهدة، وسقطت معها أهدافها، ونجحت الصين في قطف ثمار ذلك كله مجاناً ومن دون صراع أو منافسة.
رابعاً: أوقفت إدارة الرئيس ترامب العمل بتقديم منح لدول صديقة للدراسات العليا في الجامعات الأميركية. أولاً لأسباب مالية تستهدف توفير نفقات الخزينة، وثانياً لأسباب سياسية– أمنية تستهدف ابعاد الأجانب، وثالثاً لأسباب وطنية داخلية تتمثل في توفير فرص أكثر للطلاب الأميركيين. أما الصين فقد قررت هذا العام تقديم 20 ألف منحة جامعية للطلاب الأجانب الذين يرغبون في الدراسة في جامعاتها. وتخصص الصين جزءاً أساسياً من موازنتها السنوية للبحث العلمي الذي يشجع علماء من العالم على الالتحاق بجامعاتها ومختبراتها الحديثة.
لقد خفضت إدارة الرئيس ترامب الموازنة المخصصة لمنظمة الفضاء (ناسا). وبالمقابل تتسارع خطوات الابحاث الفضائية الصينية، حتى ان أكبر مرصد للفضاء موجود الآن في الصين وليس في أوروبا أو في الولايات المتحدة أو في روسيا.

بقلم : محمد السماك
copy short url   نسخ
15/06/2017
2756