+ A
A -
اعتبرت وزارة الدفاع الروسية إسقاط طائرة حربية لنظام الأسد من قبل القوات الأميركية في سوريا «انتهاكا متعمدا لأمن التحليقات في الأجواء السورية».
واشنطن كانت قد تعهدت بالتصدي لكل مصادر التهديد لقواتها المتمركزة في قاعدة التنف، وللقوات الحليفة «قوات سورية الديمقراطية» التي تخوض معركة تحرير الرقة من قبضة التنظيم الإرهابي «داعش».
لم يكتف الجانب الروسي بالتنديد، بل ارتقى في موقفه إلى تعليق العمل باتفاقية «أمن التحليق الجوي» مع الجانب الأميركي، والتلويح ضرب أي هدف يظهر في مناطق عمليات جيش الأسد.
إيران؛ الخصم العنيد لواشنطن تتحرك بنشاط ملحوظ في شرق سوريا، ووجهت بالأمس ضربات صاروخية لتجمعات «داعش» في دير الزور، وقبل ذلك تقدمت المليشيات المدعومة منها نحو قاعدة التنف، وتخوض قوات مدعومة من طهران إلى جانب وحدات من جيش الأسد معركة الحدود العراقية، التي أسفرت لغاية الآن عن سيطرة شبه كلية على المعابر بين البلدين.
لكن وبينما يتصاعد التوتر في القاطع الشرقي من سوريا، نجحت الاتصالات الروسية الأميركية في تحقيق هدنة مؤقتة في الجنوب السوري، ليس مؤكدا تمديدها بعد في ضوء استعدادات جيش النظام لتعويض خسائره أمام قوات المعارضة في درعا.
رغم ذلك يمكن القول إن المشهد في سوريا خطير للغاية، فهامش المناورة والمرونة يضيق بين الأطراف المتصارعة، خاصة في شرق وجنوب سوريا، وقد يقع في أية لحظة اشتباك جوي روسي أميركي، أو مواجهة إيرانية أميركية.
قواعد إدارة الصراع في الميدان تتعرض لضغوط غير مسبوقة،وليس مستبعدا في هذه الحالة أن ننتقل من مرحلة الحرب بالوكالة، إلى مواجهة مفتوحة بين اللاعبين الأصليين.
الولايات المتحدة وحلفاؤها، يعتبرون التوسع الإيراني في شرق وجنوب سوريا خطا أحمر لا يمكن تخطيه، إسرائيل بالطبع أكثر الحلفاء قلقا من الحضور الإيراني.
روسيا ليست في وارد تبني المقاربة الإيرانية في سوريا،ولديها تحفظات كبيرة على نفوذ طهران ونواياها تجاه مستقبل سوريا.موسكو معنية وفق تصريحات بوتين الأخيرة بتمكين جيش الأسد،وذلك بإعادة تأهيله ودعمه ليقوم بكافة المهمات في الميدان بما يسمح للقوات الروسية بالتراجع لقواعدها في حميميم وطرطوس.
ولهذه الغاية لن تسمح لواشنطن بالتطاول أكثر من اللازم وتكرار ضرباتها لوحدات النظام السوري المنتشرة في المناطق المذكورة.
طوال سنوات الأزمة في سوريا تجنب الطرفان الروسي والأميركي الوصول إلى نقطة الصفر،وصاغا على الدوام مقاربات تسمح للطرفين القيام بمهماتهما وتجنب المواجهة.
لكن دخول إيران بقوة على مسرح الأحداث،والافتقار لتصور مشترك لمرحلة ما بعد الرقة، وإصرار روسيا على فرض وقائع ميدانية قبل التفاهم على حل سياسي للأزمة السورية، يترك العلاقة بين الطرفين تحت رحمة التطورات المفاجئة في الميدان، وما يترتب عليها من تداعيات غير محسوبة.
ماذا لو اقتربت طائرة للنظام السوري مرة ثانية من ميدان العمليات الأميركي وأسقطتها الدفاعات الجوية، ثم قررت القوات الروسية الرد بضرب قاعدة التنف؟ من يستطيع بعد ذلك التحكم بمجريات الأمور؟
نفس المستوى من المخاطر ممكن أيضا إذا أصرت المليشيات المدعومة من إيران على الحفر في مناطق النفوذ الأميركي، كيف سيكون رد فعل إيران، وماهو موقف واشنطن ساعتها؟
خطر المواجهة الكبرى في سوريا ليس بعيدا.

بقلم : فهد الخيطان
copy short url   نسخ
22/06/2017
2742