+ A
A -
تايوان وسنغافورة وماليزيا وكوريا الجنوبية دول لا تملك أي ثروات طبيعية ومع ذلك صنعت معجزات اقتصادية من خلال امتلاك (رؤية وطنية) لما ستكون عليه مستقبلاً.. كانت تايوان مجرد جزيرة صغيرة للصيادين، وسنغافورة منطقة موبوءة بالملاريا، وكوريا الجنوبية محطمة تماماً (لدرجة قال قائد الجيوش الأميركية دوجلاس مكارثر ليس لهذه البلاد أي مستقبل حتى بعد مائة عام)..

غير أن إرادة التغيير من جهة، ووجود خطة للتغيير من جهة أخرى؛ رفع هذه الدول إلى مستويات اقتصادية وصفت بالمعجزة الاقتصادية..



وهذا ما نأمله من خطة التحول الوطني التي أعلنت البارحة..



خطة تنقلنا إلى مستقبل أفضل واقتصاد يعتمد على الصناعة والاستثمار ومشاركة القطاع الخاص.. الثروة المادية (أيا كان نوعها ومصدرها) تأسرك بنعيمها وتشعرك بعدم الحاجة لخلق مصادر رديفة لها.. وحين تتقلص أو تتلاشى ستجد نفسك في طريق مسدود بسبب فجائية التحول وعدم الاستعداد بالمصادر البديلة...



وبصراحة أوشكنا نحن على الوصول لهذه المرحلة كون 90% من دخل الدولة مازال يعتمد على البترول، و80% من الشعب يعتمدون على رعاية الدولة ويأخذون رواتبهم منها وبالتالي جميعنا مرتهنون لنضوب النفط وتقلبات الأسعار..



دول مثل النرويج وبريطانيا لم تتأثر بتقلبات النفط (وقرب نضوبه من بحر الشمال) كونها في الأساس دولاً صناعية تعتمد على الصناعة والتصدير ومشاركة القطاع الخاص والنفط بالنسبة لها مجرد رافد من روافد اقتصادية كثيرة.. عدم امتلاك النمور الآسيوية لثروات طبيعية كان بمثابة نعمة وليس نقمة كونه حثها مبكراً على تنويع مداخيلها والاستثمار في ثرواتها الإنسانية والصناعية والمعرفية. وضعت منذ خمسين عاماً خطط تحول اقتصادية واجتماعية كانت السبب الأول لنموها وتقدمها ورفع دخل المواطن فيها.. أنهى البعض خطة تحوله بنجاح (ودخل في خطط أكثر تقدماً) في حين مايزال بعضها الآخر يعيش ضمن خطط تحول لم تنته بعد (فخطة ماليزيا للتحول الوطني التي وضعها رئيس الوزراء الأسبق مهاتير محمد تنتهي مثلا في عام2020)...



وكي لا نصل لمرحلة الجفاف والنضوب (ثم لا نجد بين أيدينا أي تجربة أو خطة بديلة) يجب أن نملك (هذه الأيام) خطة تحول حقيقية لتنويع مصادر الدخل ورفع مستوى المواطن خلال عقدين من الزمان..



لهذا السبب لا أخفي سعادتي بإعلان خطة التحول الوطني البارحة وأعتبرها بمثابة خريطة طريق لا يمكن أن نخطو بدونها للمستقبل.. صحيح انه لا يمكننا التكهن بنتائج المستقبل ولكننا نملك على الأقل القدرة على رسمه والتخطيط له واختيار أفضل الطرق إليه وفي جميع الأحوال(أفمن يمشي مكباً على وجهه أهدى أمن يمشي سوياً على صراط مستقيم)..



... أيها السادة؛ حين عنونت المقال لم أقل (رؤية محمد بن سلمان) بل رؤيتنا نحن لعام 2030 ؛ كوننا نشترك في مسؤولية التحول لمستقبل لا يخشى فيه أبناؤنا نضوب النفط أو استبداله بالسيارة الكهربائية..

فهد عامر الأحمدي
copy short url   نسخ
27/04/2016
2356