+ A
A -
لم تلق سياسة التصعيد التي انتهجتها «دول الحصار» في خلافها مع قطر أي تجاوب أو تأييد على المستويين الإقليمي والدولي.
ظهر ذلك جليا في مواقف وردود فعل الدول الكبرى، والتكتلات القارية والمنابر الأممية.
الولايات المتحدة الأميركية أعلنت وعبر مؤسساتها المعنية بإدارة الشأن الخارجي، أنها لا تفضل التأزيم وسياسة الحصار، بل الحوار والتفاهم للتغلب على المشكلات الثنائية.
روسيا قالت نفس الشيء تقريبا، ولم يصدر من طرفها أي تصريح أو تلميح بتأييد الإجراءات المتخذة بحق قطر.
دول بارزة وأساسية في الاتحاد الأوروبي كألمانيا وفرنسا، امتلكت من الشجاعة ما يكفي لإدانة قرارات «الدول الأربع»، ودعمها لجهود الوساطة الكويتية. ورغم الضغوط ومحاولات الابتزاز الاقتصادي من خلف الكواليس إلا أن هذه الدول لم تغير مواقفها قط.
منظومة الدول العربية على ما فيها من ضعف وتفكك، انحازت في أغلبيتها ضد مبدأ العقوبات وسياسية التأزيم في منطقة غارقة أصلا بالحروب والأزمات.
المجال الإقليمي المحيط بمنطقة الخليج، واضح في توجهاته؛ لا يرغب بأزمة، ولا يجد مبررا لها من قبل.
وتعززت هذه المواقف أكثر، لا بل اتسعت دائرتها، بعدما كشفت دول الحصار عما سمته بشروطها للتراجع عن قراراتها. لم تعلن ولو دولة واحدة في العالم من خارج الإطار الضيق للدول ذاتها تفهمها لهذه الشروط ولا نقول دعمها.
لقد بدا للعالم كله أننا أمام شروط إذعان لا يمكن لأي كيان سياسي في العالم أن يقبلها على هذا النحو، خاصة وأن أصحابها قالوا بكل وضوح إنها شروط غير قابلة للتفاوض، ومربوطة بمهلة عشرة أيام لتنفيذها، وبآلية خارجية لمراقبة تطبيقها ومتابعتها على مدار سنوات. أي أن هذه الدول ستقوم مقام السلطات القطرية في إدارة الشؤون الداخلية للبلاد، في سابقة لم تحصل في التاريخ.
والأدهى أن هذه العملية برمتها تتم خارج إطار الأمم المتحدة، وبغير رضاها، وخارج سياق منظومة مجلس التعاون الخليجي، الذي لم يجتمع لمناقشة الأزمة ولا القرارات التي اتخذتها هذه الدول.
على العكس تماما، فمن بين التعليقات المهمة على تلك القرارات، ما ذكره متحدثون وخبراء قانون دولي عن مخالفة هذه «التعليمات» لأبسط قواعد القانون الدولي، وافتقارها لغطاء الشرعية الأممية ممثلا بمجلس الأمن الدولي، الذي لو طرحت عليه للتصويت لنالت صفرا مكعبا من الأصوات.
إن من بين الأسباب المهمة التي تجعل أغلبية دول العالم في الضد من هذه القرارات، أنها جميعا غير مستعدة أو راغبة بإنتاج أزمة عالمية جديدة، ستخلف آثارا وخيمة على الاقتصاد العالمي، وحركة التجارة العالمية، والمصالح المباشرة للمنظومة الدولية.
منطقة الخليج تتمتع بأهمية استراتيجية عالمية، لموقعها الجيوسياسي في العالم، باعتبارها مركزا للربط بين الشرق والغرب، ولكونها مصدر الطاقة الأول عالميا.
إن أي خلل في هذه المنظومة سيخلف ارتدادات ضخمة يشعر بأثرها العالم كله على المستويات المالية والاقتصادية وفي أسواق النفط والغاز وحركة النقل جوا وبحرا.
العالم لم يتعاف بعد من أزمته الاقتصادية، ويتكبد خسائر فادحة بسبب الحروب التي تضرب منطقتنا، ويخوض مواجهات عسكرية مع قطعان الإرهابيين على أكثر من جبهة، وهو لن يقبل أبدا أن يكون شريكا في أزمة جديدة.
ومن هنا يأتي الحرص الشديد على وأد الأزمة في مهدها، عبر إجماع عالمي على تبني مبدأ الحوار لتسوية الأزمة، وفي إطار البيت الخليجي.
لقد فشلت محاولات تدويل الأزمة منذ يومها الأول، ولن تجد من يدعم اتخاذ أية خطوة بعد الآن. ولن يكون هناك من حل سوى القبول بمبدأ الحوار غير المشروط، وقبل ذلك رفع الحصار.

بقلم : فهد الخيطان
copy short url   نسخ
30/06/2017
2666