+ A
A -
ساد انطباع عقب تفجيرات باريس في نوفمبر عام 2015 والتي أعقبتها حوادث أخرى في بريطانيا وألمانيا وبلجيكا، أن هذه الموجة ستؤدي إلى التضييق على زوار الدول الأوروبية من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
هذا الانطباع ليس صحيحا. على الأقل من واقع تجربة شخصية ومشاهدات في أكبر مطار فرنسي وواحد من أكبر المطارات الأوروبية.
ذلك الصباح في مطار «شارل ديغول» كان هناك حشد من المسافرين وصفوف تتلوى ببطء أمام الأكشاك الزجاجية المخصصة لشرطة الجوازات.
وصلت يومها ثلاث طائرات من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا متزامنة.
كان لافتا للانتباه أن الأسئلة التي تطرح على المسافرين مقتضبة ولا تتعدى سؤالين: ما هي وجهتك؟ وما هو سبب الزيارة؟.
سمح لجميع المسافرين بالدخول دون تأخير، سوى تأخير الانتظار في الصفوف الطويلة.
من خلال مطالعة الصحف وقنوات التليفزيون الفرنسية يبدو واضحا أن توجهات قصر الإليزيه وحكومة الوسط التي جاءت مع وصول إيمانويل ماكرون إلى الرئاسة، ثمة رغبة أن تنأى فرنسا بنفسها عن أي مواقف مسبقة من دول المنطقة.
ليس خافيا أن ماكرون الذي يتبع حتى الآن سياسة في غاية الحذر تجاه المنطقة يرغب في دور محايد وتوازن وإيجابي، وهو ما أعلن عنه في أول زيارة يقوم بها لإحدى دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وكانت للمغرب.
كان لافتا كذلك أن يتولى رئاسة الجمعية الوطنية الفرنسية «فرنسوا دو ريغي» أحد أبرز مؤيدي الرئيس إيمانويل ماكرون، والذي ربطته علاقات جيدة مع شخصيات سياسية من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عندما كان نائبا لرئيس الجمعية الوطنية.
لعل من الأمور اللافتة كذلك أن فرنسا تعيش حاليا على إيقاع تحسن اقتصادي، لم يصل بعد إلى حد الانتعاش. إذ يتوقع الفرنسيون أن يرتفع الحد الأدنى للأجور، الذي يصل حاليا إلى 1143 يورو في الشهر، إلى حدود 1500 يورو. كما يتوقعون أن تتوسع الشرائح الوسطى التي يتراوح دخلها ما بين 2400 و4300 يورو.
ويراهن الفرنسيون على قطاعين لتحسين الوضعية الاقتصادية في بلادهم، والقطاعان لا علاقة بينهما.. وهما قطاع السياحة والتعليم.
المفارقة أن الفرنسيين يرغبون في قطاع السياحة بجذب مزيد من السياح من منطقة الشرق الأوسط وإلى حد ما شمال إفريقيا وآسيا وروسيا.
في مجال التعليم يرغبون في فتح المجال من جديد لطلاب أجانب من آسيا وعرب وأفارقة، وكان الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي قرر إغلاق الأبواب أمام هؤلاء، كما منع الأجانب الذين درسوا في مدارس عليا فرنسية من العمل في فرنسا.
أختم بالسياحة.
خلال زيارة إلى جزيرة «سان ميشيل» السياحية في منطقة النورماندي، كان هناك عدد لا يحصى من السياح، معظمهم من الولايات المتحدة وأميركا اللاتينية وجنوب شرق آسيا.
أكاد أجزم بعدم وجود سياح عرب، على الأقل في نهاية الأسبوع الذي زرت فيه هذه الجزيرة والقلعة المثيرة.
سألت في نهاية جولة ممتعة فيها الكثير من التاريخ وكذلك الكثير من الصعود والهبوط في دروب القلعة، أحد موظفي مكتب السياحة الفرنسي عن عدد السياح العرب الذين يزورون أهم معلم سياحي في فرنسا بعد «برج إيفل»، أجاب «عددهم محدود لكن نتوقع عددا أكبر خلال هذا الصيف».
لم يقدم الموظف الفرنسي معطيات تعزز هذه التكهنات، لكن الواضح أن الانطباعات السلبية بعد تفجيرات باريس ليست حقيقية أو على الأقل ليست هي كل الحقيقة.

بقلم : طلحة جبريل
copy short url   نسخ
01/07/2017
2571