+ A
A -
ماذا تَفعل وكيف تَتصرف لو وَجَدْتَ نفسَكَ تُصارع الموتَ بعد أن يُلْقَى بكَ في بحر جهنم، تَلْفَحكَ حرارةُ نارِ حصارِ ظُلماتِ المكان الْمُقْفِر وتَصرخ ملء صوتكَ: «أنقذوني!» وما من مُجيب؟!
طبعا لَسْتُ أُبْحِرُ في الخيال ولا أَصِفُ ومضاتٍ من أحداث بَطَل مَيِّت على الورق ولا أُتَرْجِم لكَ لقطات من حياةِ فارس من فرسان ساحة بوليوود رغم وَلَعِي بالتجربة الهندية في بُعْدِها التراجيدي المنفوخ شأن ما تَفعَلُه حُقَن التعبئة والبوتكس بالشفاه والخدود وقِسْ على ذلك..
صَدِّقْ أن شخصا ما في زمن ما وفي مكان ما عاش حقيقةً تجربةَ السقوط في حفرةِ جهنم ومصارعة الموت المرير الذي ليس من السهل تصور شكله.
الرجُلُ واحد من الناس، لكنْ قَادَتْهُ قَدَماه إلى شَرِّ مصير حين وَجدَ نفسه يُخْلِصُ لهوايته فَرَشَقَتْهُ بالحجارة عوض أن تَفرش له الوَرْدَ رضى وتَرشّه بماء الزهر نَدى.
«127 ساعة» تجربة واقعية عاشها على خشبة الحياة البطلُ، حكاية تَصِفُ مأساةً حَيَّة يَرويها صاحبُها بلسان السينما الأميركية، قصة رَجُل من هُواة المغامرة وتسلق حبال المستحيل يَكاد يَتَدَحْرَج بين جبال، فإذا بِحَجَر يَنال مِن يَدِه ويَحتجزها عنده لِتَبْقَى مُعَلَّقَةً ويُعَلَّق معها مَصيرُه فيَتَجَرَّع صاحِبُنا السمَّ لأيام ويَسْتَميتُ في البحث بِيَدٍ واحدة عن ترياق. ومع أن من المسلمات أن اليدَ الواحدة لا تُصَفِّق إلا أنها صَفَّقَتْ هذه المرة.
مواقف عصيبة يَمرّ بها البطلُ تَجعله يَقْتَصِد في شرب ما تبقى من قنينة ماء إلا قطرات، ناهيك عن العدسات الطبية اللاصقة التي يَستعملها ويُبَلِّلها بِلُعَابِه مرارا مُسْتَجْدِيا من قَدَرِه شيئا من الحياة..
تُمْطِرُه الذكريات.. أجواء الأُنْس مع صديقَتِه.. يُعيد قراءةَ سيناريو حياتِه في لحظات FLASHBACK يَدْمَع لها القلبُ..
الإرادةُ تَصْنَعُ ما يُشبه الْمُعْجِزَةَ، والمستحيل مُمْكِن على بُعْد قَدَم مِن الموت.. البطلُ يَبْتُرُ يَدَه ويَرْحَل.. يَتَأَلَّمُ لكنه يَنْجُو.
للإنسان دائما أن يَصنعَ شيئا لا أن يَرفعَ رايةَ الاستسلام ويُعلِن هزيمتَه ويُشهِر إفلاسَه بعد أن تَسَرَّبَ مِن جَيْبِ مَأْزِقِه الحَرِج ما تَبَقَّى من رَصيدِ حياة..
نَتَعَلَّم من الغَرْب دائما مهما أَنْكَرْنا ورغم الحقد الْمتبادَل (حِقْدهم على إسلامنا، وحِقْدنا على التقليد الأعمى لهم مِن بَعْضِنا وتَرْكنا لما فيه تَفَوَّقُوا علينا). هذا واحد منهم يُعْطينا درسا في قوة الإرادة والحِرص على الحياة والتدريب على التحدي والصمود وكَسْر الأغلال والقُيود.
نَافِذَةُ الرُّوح:
«الابتسامةُ شمس، مِن السهل أن تُطْفِئَها.. مِن الصعب أن تَجْعَلَها تُشْرِقُ مُجَدَّداً».
«مِن المغرِّدين حولك مَن يَستحق مكافأةَ التفوق، لكن للأسف تَفَوَّقَ في هَدْمِك لولا عَيْن الله التي تَراه».
«مَا لَمْ تَقْوَ على أَنْ تَحْيا بدوني صَدِّقْ أَنَّ حُبَّكَ لي كِذْبَة مَهْما لَوَّنْتَها بألوان القَسَم».
«أنتَ تَبْني، والآخَر يَهْدِم.. أنتَ تُشعِل شمعةَ حياة، والآخَر يَحْفِر لكَ حفرةً لِيَقَعَ فيها».
«اِحْتَرْتُ: مَن مِنَّا السِّيجارة ومَن مِنَّا الْمِطْفَأَة؟!».
«جَدِّدْ أَساليبَ حَياتِكَ كما تُجَدِّدُ ملابسكَ الداخلية».
«لا تَتَأَلَّمْ عندما تَفْقِدُ مَنْ تُعِزُّه، فهُوَ يَفتح لكَ البابَ لِتَعْرِفَ مَنْ يُعِزُّكَ».

بقلم : د. سعاد درير
copy short url   نسخ
06/07/2017
2835