+ A
A -
تنتشر بين اليابان وكل من الصين وكوريا الجنوبية 148 جزيرة صغيرة. معظم هذه الجزر غير مأهول بالسكان. الا ان الموقع الستراتيجي الذي تحتله والثروة النفطية التي يُعتقَد انها كامنة في جرفها القاري، إضافة إلى الثروة السمكية المحققة، تجعل الصراع على هذه الجزر بين الدول الثلاث صراعاً قومياً يثير قلقاً جدياً على الأمن والاستقرار في المنطقة.
فقد قررت اليابان مثلاً، من أجل تأكيد وتعزيز سيادتها على الجزر، توطين عائلات يابانية فيها. ولكن من أين تاتي بهذه العائلات؟
في عام 1905 كان عدد سكان هذه الجزر الصغيرة من اليابانيين 1.3 مليوناً. ولكن العدد انخفض في عام 2010 إلى 636 ألفاً فقط. ويتواصل هذا العدد في التراجع منذ ذلك الوقت. ففي احدى الجزر الصغيرة مثلاً كان عدد سكانها 200 شخص فقط قبل أكثر من عقد من الزمن، اما الآن فان الجزيرة أصبحت مهجورة.
ولا تقتصر هذه الظاهرة على سكان الجزر فقط، ولكنها تشمل اليابان كلها. فعدد سكان اليابان اليوم يبلغ 127 مليوناً، غير انه من المتوقع ان ينخفض هذا العدد بعد اربعين عاماً حسب الدراسات الرسمية اليابانية ليصل إلى 92 مليوناً فقط. ويروي نائب في البرلمان الياباني (تانيغاوا) عن حزب الديمقراطيين الأحرار، وهو من سكان جزيرة صغيرة من ارخبيل غوتو، ان عدد سكان جزر الارخبيل كان يبلغ 157 ألفاً قبل ثلاثة عقود، اما الآن فان العدد انخفض إلى 55 ألفاً فقط.
ومع تراجع نسبة المواليد وارتفاع نسبة المسنين، فان اليابان حرصاً منها على الانسجام الاجتماعي، ترفض قبول المهاجرين اليها. وعندما انفجرت قضية الهجرة على المستوى العالمي بعد الاضطرابات التي عصفت بافريقيا والشرق الأوسط، فان اليابان لم تمنح حق الهجرة اليها الا إلى 28 شخصاً فقط!!
مع ذلك قررت اليابان خلق «مجتمع مدني» في الجزر المهجورة من خلال تشجيع اليابانيين على الإقامة فيها.
في عام 2012 انفجر الصراع بين اليابان والصين حول السيادة على الجزر الصخرية الصغيرة المتناثرة في بحر الصين الجنوبي والتي يقدر عددها بحوالي 6800 جزيرة. تطلق اليابان عليها اسم «سينكاكو»، بينما تسميها الصين «دياويو». وكادت تقع اصطدامات عسكرية بين القوات الجوية والبحرية للدولتين. لولا التدخلات الدولية وخاصة الولايات المتحدة في عهد رئيسها السابق باراك أوباما.
تعتقد اليابان انه لو ان الجزر مأهولة باليابانيين كما ينبغي لما تجرأت الصين على محاولة ضمها اليها. كذلك حاولت كوريا الجنوبية أكثر من مرة السيطرة على بعض هذه الجزر باعتبار انها جزء من الارض الكورية. ومن هنا جاء مشروع التوطين الياباني. ولعل من أكثر الجزر أهمية بحكم موقعها الاستراتيجي هي مجموعة جزر «تسوشيما» التي تقع في منتصف الطريق بين اليابان وكوريا.
لقد كان عدد سكان هذه المجموعة من الجزر 34 ألفاً.. وهو ينخفض باستمرار ليس بحكم انحفاض نسبة الولادة فقط، ولكن بحكم هجرة اليابانيين منها، اذ أنهم لا يجدون فيها معاهد عليا لدراسة أولادهم. ولا تتوفر فيها لهم فرص عمل تشجعهم على البقاء. وقد ترافق مع هذه الهجرة اليابانية المعاكسة، إقدام الكوريين على شراء مساحات واسعة من الأراضي فيها مما أثار قلق السلطة في طوكيو!!
والى جانب الصراع الياباني مع كل من الصين وكوريا الجنوبية، هناك صراع ياباني مع تايوان حول جزيرة صغيرة اخرى تدعى «يوناكوني». تبعد هذه الجزيرة 120 كيلومتراً عن تايوان فقط، بينما تبعد عن اليابان 2000 كيلومتر. غير ان أهميتها بالنسبة لليابان هو انها تستخدم كمركز مراقبة متقدم حيث أقامت اليابان فيها شبكة من الرادارات الحديثة، إلى جانب قوة عسكرية دائمة مهمتها الدفاع عن السيادة اليابانية في مجموعة جزر سينكاكو الأخرى!! اما عدد سكان الجزيرة فلا يزيد على 1715 شخصاً فقط.
وهناك صراع ياباني آخر مع الفلبين حول مجموعة أخرى من هذه الجزر تدعى «وايتو» ويبلغ عدد سكانها 20.100 شخص وجزيرة «أوكاساوارا» وعدد سكانها حوالي 3000 شخص. اما معظم الجزر الأخرى المتنازع عليها بين كل من الصين وكوريا والفلبين وتايوان، فليس لها أسماء، وهي غير مسكونة الا ان كل دولة من هذه الدول تدّعي وصلاً بليلى !!.

بقلم : محمد السماك
copy short url   نسخ
06/07/2017
2759