+ A
A -
في الجمعة الأولى لشهر أبريل من العام الماضي، كتبت أول مقال لي في جريدة الوطن القطرية، عندها كنت على موعد أول مع الكتابة النثرية، وأنا الذي لم أعرف في حياتي غير مواعيد الأوزان والقوافي!

كشاعر، ومهما كانت قصيدتي حادة وصريحة ومنحازة فإنني ومن خلال الشعر أملك دائماً هامشاً من لين، ومساحةً من ضباب، وقناعاً من حيادية، وكنت دائماً ما أستمتع بهذه الأدوات عند كتابة كل قصيدة.. فالشاعر صاحب امتياز، يجوز له ما لا يجوز لغيره، كما تقول العرب منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام على الأقل.. ألا ترى العرب تقبّح الحديث عن النساء في الأحاديث العامة وتحسّن التغزل في النساء والتشبب بهنّ في الشعر! بل ومن تقاليد العرب أن يبدؤوا القصيدة بتغزل ونسيب، وهذا أمرٌ لا تناقض فيه إذا استدعينا القاعدة الأولى: يجوز للشاعر ما لا يجوز لغيره.

الأمر ينطبق- كما على الغزل- على السياسة والدين والأمور الاجتماعية، فمجتمعنا العربي يتساهل مع آراء الشعر، ولا أقول الشاعر، ولا يتساهل مع آراء النثر في نفس الشأن وعلى ذلك شواهد يطول ذكرها، لعلنا نبحثها في موضع آخر إن شاء الله.

كل هذه الميزات غير موجودة في متناول الكاتب، أو بالأحرى ليست في متناول النص النثري، ومن هنا كان اتخاذ قرار الكتابة النثرية بالنسبة لي قرارا مبنيا على مغامرة أدبية ليست محسوبة من جميع الجوانب، والمغامرة تغري الشاعر وتحرّض غروره وتجبره بالنهاية على تحدي الذات، وهذا ما كان.

بالرغم أن علاقتي مع الصحافة تقترب من عشر سنوات، إلا أنها لم تتجاوز هيبة الشعر إلا هنا، في هذه الصحيفة وفي مساحة هذه الزاوية.. وبالطبع هذه الخطوة لم تكن لترى النور لولا إرادة وتشجيع رئيس التحرير محمد بن حمد المري، والذي أنسب له فضل هذه التجربة كاملة.. فكل الشكر له ولجريدة الوطن على حسن الاستضافة، والدعم المتواصل، وعسى أن نلتقي على الخير والمحبة دائماً.



بقلم : صلاح العرجاني

copy short url   نسخ
08/04/2016
1951