+ A
A -
استيقظ العالم فجر أمس على مفاجأة من العيار الثقيل، فجرتها واحدة من أهم الصحف الأميركية هي واشنطن بوست التي عرف عنها المصداقية والدقة في نشر الأخبار، مؤكدة في خبر لها على لسان رجال من الاستخبارات الأميركية أن إمارة أبوظبي هي التي دبرت قرصنة موقع وكالة الأنباء القطرية، وتقف بشكل مباشر خلف هذه العملية غير الأخلاقية، التي كانت الشرارة الرئيسية الأولى في إشعال الأزمة الخليجية الراهنة، والسبب في حصار شعب قطر طوال هذه الفترة والذي لا يزال مستمراً، وأكدت الصحيفة أن مسؤولين إماراتيين متورطين في الجريمة بقولها: «إن المسؤولين الأميركيين علموا بنتائج تحليل المعلومات التي جمعتها المخابرات الأميركية في 23 مايو الماضي وبينت أن مسؤولين إماراتيين كبارا في الحكومة ناقشوا خطة اختراق وكالة الأنباء القطرية وتنفيذها» وعلينا أن نضع تحت كلمة مسؤولين إماراتيين كبار ألف خط.
السؤال الآن بعد أن ظهر الحق وزهق الباطل، وبعد أن انكشفت الحقيقة أمام العالم أجمع: ما موقف ومنظر إمارة أبوظبي بعد أن وقعت من عليها آخر ورقة توت، بل ما موقف الدول التي غررت بها أبوظبي من هذه الإمارة؟
بالنسبة لموقف قطر أجزم أنه معروف للجميع، فمن حقها أن تطالب بالتالي:
- التعويض عن جريمة القرصنة في حد ذاتها.
- التعويض عن فبركة تصريحات ونسبها زوراً وبهتاناً إلى «تميم المجد» حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى حفظه الله ورعاه.
- التعويض عن الإساءات والبذاءات التي كيلتها قنوات الفتنة لدولة قطر ورموزها.
- التعويض عن محاولاتهم الفاشلة تشويه سمعة قطر أمام الرأي العام العالمي.
- التعويض عن الخسائر والأضرار التي لحقت بدولة قطر جراء هذا الحصار الجائر، والتعويض يكون للدولة والمؤسسات والهيئات الحكومية والخاصة والأفراد ولكل من طاله الضرر.
- اعتذار دول الحصار جميعها لدولة قطر أمام العالم أجمع عما ارتكبته في حقها من مغالطات وخطيئات، بل عليها الاعتذار للأمة الإسلامية لأنها شوهت الحضارة العربية والإسلامية في نظر الغرب.
على دول الحصار الأربع كل على حدة أن تدفع لدولة قطر هذه التعويضات، وعلى كل من المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين ومصر أن تتدبر أمورها مع إمارة أبوظبي التي غررت بها وأوقعتها في هذا الفخ الذي نصبته لها، هذا في حال إذا ثبت أن هذه الدول ليست متواطئة معها، لأنه من الممكن جدا أن يكون هناك تواطؤ من هذه الدول مع الإمارة، وهذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة، فإن كانت هذه الدول مع الإمارة فلا يهمنا طالما أن الله معنا، فقد علمنا ديننا الحنيف وعلمتنا وقائع الحياة وتجاربها أن الله تعالى دائما مع الحق وناصره، ففي تاريخنا الإنساني والإسلامي المجيد كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله.
حجم الأزمة التي تسببت فيها الإمارة لا يسمح بأن نقول: «إنه خلاف أخوي وعفا الله عما سلف»، أو نقول: «لا تثريب عليكم اليوم».
إن قضية قطر مع دول الحصار الأربع هي أعدل قضية في تاريخ المنطقة، إذ ارتكبت هذه الدول مجتمعة جريمة مركبة أو عدة جرائم في حق قطر كل منها مكتملة الأركان، والشاهد على هذه الجرائم ليس من نوع الشهود مجروحي الشهادة، فهو من خارج المنطقة ولا مصلحة له من قريب أو بعيد مع أي طرف.
ليس سرا أن دولة قطر تعرف منذ البداية أن إمارة أبوظبي هي من أشعلت فتيل الأزمة، ووسائل الإعلام القطرية نبهت وأشارت بأصابع الاتهام إلى الإمارة ووصفتها بأنها رأس الحربة في هذه المشكلة، ورسميا أكدت قطر على لسان سعادة النائب العام في مؤتمر صحفي أن دولة من التي تحاصر قطر وشعبها هي التي قامت بعملية القرصنة، ونشرت أخباراً مفبركة على موقع (قنا) في شهر مايو الماضي، لكن دول الحصار حاولت الالتفاف على هذه التصريحات واعتبرتها بمثابة شهادة مجروحة كونها من مصدر قطري رسمي، أما هذه المرة فقد جاءت الشهادة من خلال وسيلة إعلام أجنبية تابعة لدولة كبرى هي الولايات المتحدة الأميركية التي شاركت عناصر من شرطتها الفيدرالية FBI في عملية كشف القرصنة ومصدرها، ولذلك سوف تحدث ردود أفعال كبيرة تقوض مصداقيتهم في قادم الأيام وستنكشف كل أكاذيبهم وخططهم الملتوية والمخادعة.
بودي الآن وأعتقد أنه بود الكثيرين غيري معرفة مشاعر وموقف وزير خارجية دول الإمارات العربية المتحدة الذي كان يقول عن قطر: «كفى مفسدة للفرحة والبسمة» فهل يمكن له مواجهة الصحفيين في مؤتمر صحفي مرة أخرى بعدما عرفوا أن إمارته هي التي تفسد الفرحة والبسمة؟، بودي وأعتقد أنه بود الكثيرين غيري ايضا معرفة مواقف بقية دول الحصار بعدما اتضح خدعة إمارة أبوظبي لها؟
إن خطيئة إمارة ابوظبي في قرصنة موقع وكالة الانباء القطرية الرسمية يجعلها المتهم الأول بالقضية ويصوب باتجاهها كافة أصابع الاتهام، ولا مفر الآن من إعلان الحقيقة والاعتراف بالذنب الذي ارتكبوه في حق قطر، فلن يفيدهم النفي أو الإنكار فالجريمة ثابتة عليهم.
المتتبع لتصرفات أبوظبي يقتنع أنه من الآن فصاعدا لن تنزل عليها المصائب فرادى، فإزاحة الستار عن قيامها بالقرصنة سوف يدفع بالدول الأجنبية الكبرى مثل أميركا وبريطانيا وفرنسا إلى كشف المزيد من تصرفات الإمارة غير المسؤولة التي لا شك ستعيش أياما لا تحسد عليها، فكل يوم ينكشف جزء من وجهها الحقيقي، قبل أيام قليلة نشرت تقارير إعلامية تؤكد أن منفذي هجمات سبتمبر 2001 في نيويورك تلقوا الدعم من بنوك إماراتية وانتقلوا في مطاراتها بكل أريحية، وعلى رأي الشاعر العربي طرفة ابن العبد:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً
ويأتيك بالأخبار من لم تزود

بقلم : آمنة العبيدلي
copy short url   نسخ
18/07/2017
2388