+ A
A -
يلتقي، رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، اليوم (الثلاثاء)، مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض في أول زيارة رسمية له منذ انتخاب الرئيس الاميركي. وهي زيارة سعى اليها منذ عودته إلى رئاسة الحكومة في ديسمبر الماضي. وشاءت الظروف ان تحمل تسوية أزمة الفراغ الرئاسي في لبنان، التي دامت سنتين ونصف السنة، ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية وسعد الحريري إلى رئاسة الحكومة قبل اسبوع فقط (31 اوكتوبر) من انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة خلافا لمعظم التوقعات.
وقد اعتبر يومها أكثر من مراقب، ان تلك التسوية ما كان لها ان تبصر النور لو تأخرت أسبوعا واحدا نظرا لموقف الرئيس الاميركي الجديد العدائي من إيران ومن ذراعها المسلح في لبنان «حزب الله»، الذي كان له اليد الطولى في فرض التسوية الرئاسية. فيما سعى اليها الحريري الذي اعتبر انها الفرصة الوحيدة المتاحة التي تمكنه من العودة إلى السلطة من أجل وقف الانهيار في قاعدته وترتيب اوضاعه المالية رغم أثمانها الباهظة. وأول الغيث كان فرط عقد تحالف قوى 14 آذار الذي خاض معركة اخراج سوريا من لبنان، والذي تطالب السعودية اليوم على ما يبدو بإعادة تشكيله. والأمر الثاني هو تركيبة الحكومة وتوازناتها، والتي حصل فيها «التيار العوني» على حصة الأسد إلى جانب وزراء «حزب الله» والموالين للنظام السوري. أما الأمر الثالث والأهم هو حشر الحريري في زاوية ضيقة بالنسبة لتعاطي «حزب الله» وبالتالي عون مع الأزمة السورية، وفي ما يخص اعادة ترميم العلاقات مع الدول العربية وتحديدا الخليجية. فقد تخلى عن مطالبة «حزب الله» بسحب مقاتليه من سوريا عملا بسياسة «النأي بالنفس» التي رفعتها الحكومات السابقة وكذلك الحكومة الحالية.
ومع ذلك حاولت الدول الخليجية مساعدة الحريري عبر ممارسة سياسة الانفتاح على رئيس الجمهورية، وتحديدا قطر التي استقبلت عون في أول زياراته إلى الخارج. غير ان رئيس الجمهورية كان بعد كل زيارة يقوم بإطلاق مواقف داعمة أو مبررة لمواقف «حزب الله» وسلاحه، معتبرا ان لبنان بحاجة إليه «طالما ان الجيش اللبناني لا يتمتع بالقوة الكافية للمواجهة...». عدا عن الاتهامات التي يكيلها أمينه العام حسن نصرالله لدول خليجية في كل مناسبة يقف فيها خطيبا أمام جمهوره.
وفي كل مرة كان الحريري يلجأ إلى إصدار بيان يتنصل فيه من تصريحات نصرالله، ولكنه بطبيعة الحال يتعاون عمليا مع وزرائه في الحكومة.
تأخرت زيارة واشنطن لأسباب وظروف متعددة، ولكن الحريري سيجلس اليوم وجها لوجه أمام ترامب في البيت الابيض، يرافقه مجموعة من الوزراء من بينهم وزير الخارجية ورئيس «التيار العوني» جبران باسيل وكذلك قائد الجيش. ومعروف ان إدارة ترامب تطالب بضرورة نزع سلاح «حزب الله» مرفقا بتصعيد العقوبات ضد إيران التي تتهمها واشنطن بزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة. فيما يحمل الحريري في جعبته طلب تعزيز الدعم الاميركي للجيش، والمساعدة في مواجهة مسألة النزوح السوري التي باتت تفوق قدرة لبنان على التحمل، بالاضافة إلى سعيه للمطالبة بأن لا تشمل العقوبات الاضافية الجديدة التي أصبحت جاهزة على «حزب الله» الدولة اللبنانية ومؤسساتها المالية والمصرفية. غير ان المفارقة تكمن انه في الوقت الذي غادر فيه الحريري إلى واشنطن قرر «حزب الله» بمفرده، ومن دون موافقة الحكومة، فتح معركة «تحرير جرود عرسال» اللبنانية من عناصر «جبهة النصرة» بالتنسيق مع جيش النظام السوري الذي يغير بطيرانه الحربي على المنطقة، وليس مع الجيش اللبناني الذي لا دور فعليا له. فهل القصد منها إفشال زيارة الحريري أو التشويش عليها كما حصل معه خلال زيارته لواشنطن عندما كان رئيسا للحكومة عام 2010 وقام الفريق «الممانع» بالانقلاب عليه معلنا اسقاط الحكومة في اللحظة التي دخل فيها البيت الأبيض للقاء اوباما.
وكيف لرئيس الحكومة ان يطالب واشنطن بدعم الجيش في وقت يملك «حزب الله» قرار الحرب؟ طبعا، إنه في موقف لا يحسد عليه!

بقلم : سعد كيوان
copy short url   نسخ
25/07/2017
2610