+ A
A -
لم يعد لدى أي مراقب محايد اليوم أدني شك بأن المنطقة تتجه إلى كارثة محققة اذا استمرت بعض حكوماتها في العمل من أجل تحقيق مكاسب ضيقة قصيرة المدى على حساب استقرار الشعوب العربية وأمنها القومي.
فالإصرار على التعامل مع الاختلافات في الحسابات والرؤى الاستراتيجية بعقلية «عقيد الحارة» حيث لابد من إعطاء المنافس أو الخصم السياسي درسا حتى لو تم هدم الحي وربما المدينة على رؤوس من فيها يعكس رؤية قاصرة للأمور كانت من بين العوامل الأساسية التي أدت بالشرق الأوسط إلى حالة التدهور الشامل الذي يعيشه اليوم على جميع المستويات.
أكبر من دفع الثمن في كل ما يجري اليوم في المنطقة هي الحقيقة والإعلام الصادق والأخلاق الحميدة، حيث وضعت كل هذه الاعتبارات في الدرج واستعيض عنها بسلسلة أكاذيب وفبركات تركت شعوب دول المنطقة تتلمس الحقائق في نفق مظلم، وهو أمر ترافق بشكل مدروس – للأسف – مع حملة ممنهجة لإشاعة مشاعر الكراهية والعداوة بين شعوب تربطها أواصر النسب والقربى والعادات والتقاليد بين أمور أخرى كثيرة.
الكارثة الحقيقية تتمثل في انه وبينما تعمل أجهزة دول بأكملها على الدفع بالمنطقة إلى هاوية سحيقة لتحقيق أهداف غير واضحة وغير ذات جدوى في افضل الأحوال فإن ما لا يراه الكثيرون أو يتجاهلون رؤيته الآن على الاقل هو ان الثمن الذي سيدفعه الجميع بعد سنوات سيكون باهظا للغاية، وقد يضرب الاستقرار السياسي والأمني لإحدى اكثر مناطق العالم أمنا ورفاهة في العمق.
أقول ذلك وفي الذهن سؤال عن مليارات تدفع وتنثر في كل مكان لتصوير دولة قطر وكأنها مسؤولة عن جميع مصائب الكون ابتداء من الانفجار الكوني العظيم وانتهاء بانفصال جبل جليد ضخم في القطب المتجمد الشمالي، وهي مليارات قد يكون تعويضها صعبا في القادم من السنين اذا استمر الارتباك السياسي في المنطقة وما يصاحبه من هجرة لرؤوس الاموال، وسعي الدول الكبرى للبحث عن مصادر جديدة للطاقة وما قد يترافق مع ذلك من عزوف عن الاستثمار في دول بدأت لتوها تواجه مشاكل البطالة والتضخم وعجز الموازنات.
الأسوأ من كل ذلك انه فيما احترقت دول عربية أخرى عن بكرة أبيها، فإن ما بقي من الدول التي حافظت على بعض الاستقرار توجه رسالة للعالم الحر بأنها افضل مكان يمكن ان تضيع فيه الحقيقة وتقيد فيه الحرية لتحقيق هدف مبهم يبدو اقرب إلى عملية هدم ذاتي مبرمجة.
لماذا الإصرار على ان نكون المادة الرئيسية لنشرات الأخبار المليئة بالدماء والموت والخوف؟ سؤال عجزت أن أجد له جوابا!

بقلم : لؤي قدومي
copy short url   نسخ
02/08/2017
3247