+ A
A -
دائما ثمة جانب خفي من تداعيات أي أزمة عربية،- تحديدا عربية- هو دائما الجزء «الغاطس» من جبل الجليد، لا ينال حظه من الاهتمام الواجب، ولا نصيب مناسباً له من التحليل والتفسير، وسيول التنظير والتأطير، الذي ينصب جله دوما على الشق السياسي بتجاذباته السيئة عادة. انه الجانب المتعلق بالعلاقات الإنسانية، التي يزج بها رغم انفها في الأزمة.. أي أزمة.
ليس ذلك مفصولاً بكل تأكيد، عن السياق العام لنظم الحكم في تلك المنطقة البائسة المحصورة بين الماء والماء، فالإنسان، أو بالاصح الأمور الإنسانية، دائما ما تتذيل قائمة الاهتمامات في تلك النظم – الا من رحم ربي -، وبالتالي فالزج بمشاعر الإنسان وعواطفه، وتحويلها إلى جزء من وقود الخلاف، وسلاح من أسلحة الأزمة أمر طبيعي بالنسبة لهم!
في المناطق والدول التي تستضيء بنور الديمقراطية، لا يستطيع النظام، ولا يجرؤ على محاصرة مشاعر الإنسان وعاطفته، ناهيك عن كونه يفكر ألف مرة، قبل ان يقترب من حريات البشر، مهما بلغ عمق الخلاف، وأياً كان حجم الأزمة، لذا فإن التسوية السياسية، التي لابد ان تحدث في نهاية المطاف، تكون هي النهاية بالفعل، ولنا في أوروبا- غير المسلمة– الاسوة والنموذج، أو العظة والعبرة.
لا يدرك المستغلون والمتغولون على المشاعر والعواطف الإنسانية، خطورة ما يفعلون، وسوء ما يعملون، وعاقبة ما يقترفون، ففي نهاية الأمر، فإن الأوطان هي الخاسر الأول والاكبر، جراء ذلك النهج، الذي يفتقد لأدنى درجات السوية، وابسط مقومات إدارة الخلافات والأزمات.
إن الدعوة ملحة، لأصحاب السيادة، المستغلين والمتغولين، في أي مكان، في ما كنا نسعد بتسميته وطننا العربي، أن يكتفوا بما ينالونه من جسد المواطن في هذا الوطن. ذلك الجسد المنهك بفعل الاستبداد والطغيان، وأن يقنعوا بما فعلوه بعقله المغيب بالجهل والتجهيل والرعب، وأن يتركوا له أحلامه ومشاعره وعواطفه وعلاقاته الإنسانية، أو على الأقل ما تبقى منها، فلا يرغموها على رغم عنها على الكراهية، ولا يهددوها بالسجن والتنكيل، إن عبرت عن نفسها تجاه شقيق أو صديق.
يا أصحاب السيادة والاستغلال والتغول.. الجرح الإنساني أعقد بكثير من ان تطببه مائدة مفاوضات، أو تعالجه طاولة تسويات، فما بالكم ان كان الجرح بين اصدقاء، أو ذوي رحم ودم؟!

بقلم : محمود عيسى
copy short url   نسخ
06/08/2017
2662