+ A
A -
نظم منتدى الفكر العربي، ندوة حوارية حول التضامن العربي وإدارة الأزمات: رؤية مستقبلية 2017/7/26- عمان، افتتحها سمو الأميرالحسن بن طلال، رئيس المنتدى، بكلمة مستفيضة، شخصت مختلف أبعاد الأزمات الراهنة للمشهد العربي العام، وما تمر به المنطقة من عوامل التصدع والانقسام والحروب، وانعكاساتها على إمكانات التضامن والنهوض. ما يتطلب توافقاً في الرؤى للتصدي للأزمات، وتعزيز دور مؤسسات الفكر والمثقفين والعلماء في التأسيس لـ«الدبلوماسية الشعبية» تسعى لفتح حوارات مع جميع الأطراف، وتمهد لتسوية الخلافات بالطرق السلمية في إطار المصالح المشتركة، واحترام سيادة واستقلال كل طرف، والحفاظ على المصالح العربية المشتركة العليا، وصيانة مكتسبات الأمة في مواجهة الأطماع والتدخلات.
أكد الأمير أهمية إطلاق الحرية للعقل وابتكار أنماط للتفكير والسلوك لتحقيق حركة نهوض وتطوير فكري، تستند إلى الحوار الموضوعي، وتركز على تعزيز الروابط المشتركة والأخوة، وتحاصر الخلافات، بالطرق السلمية.
وفيما يتعلق بالقدس، ثمن الأميرالمثقف، الدور المحوري للأردن بقيادة الملك عبدالله الثاني في حماية المقدسات تحت الوصاية الهاشمية، ودعا إلى إيجاد آليات تنفيذية تحمي الفضاء الديني والمصلين من العدوان، وإلى إنشاء مؤسسة إنمائية الزكاة، الأوقاف للمدينة المقدسة، تحيي الأمل في نفوس أبنائها، وتعزز صمودهم المشرف.
في الختام، ثمن المشاركون كلمة الأمير، وجاءت مداخلاتهم، تفتح آفاقاً وتقترح آليات لإدارة الأزمات ومعالجتها بما يحقق تعافي الجسد العربي العليل ويعمل على تحصينه، عبر مجلس للحكماء، يحتضنه المنتدى.
أهمية الندوة:
تأتي أهمية هذه الندوة، من كون ضعف التضامن العربي وتفككه، ترك فراغاً سياسياً واستراتيجياً، أتاح لقوى دولية وإقليمية طامعة، بالتدخل في عمق البيت العربي، لتلعب دورا تخريبياً ضد أمن ومقومات الدولة الوطنية العربية، ولتسعى لإضعاف جيشها الوطني، كما سمح لتلك الميليشيات العقائدية أن تتغول وتمارس فسادا عريضاً في الأرض العربية، وما كانت لهذه القوى الخارجية والداخلية أن تحقق نجاحاً مذكورا في اختراق الساحة، والعبث بالأمن القومي، لولا ضعف المناعة الداخلية للبيت العربي، وقابليته للغزو والاختراق، نتيجة علل وآفات تراكمت عبر عقود من الزمن وتفاعلت لتنهك الجسد العربي وتضعف مناعته وقوته. يضاف إلى كل ذلك، الأزمة الخليجية الراهنة بين قطر وشقيقاتها الخليجيات الثلاث ومصر، والتي طالت واستمرت، ولم تفلح جهود الوساطة في حلحلتها حتى اليوم، ما ساهم في مزيد من الإضعاف للجسم العربي.
ما العمل؟
إذا كانت هذه الظواهر المحبطة، في جزء كبير منها، هي محصلة للتدخلات الدولية والإقليمية، وبخاصة الإيرانية الساعية إلى استكمال الهلال الشيعي لتطويق المنطقة، والذي حذّر منه العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، مبكراً، فإن علينا الإقرار، بأن الجزء الآخر، هو من مسؤوليتنا، بسبب قصورنا، وعدم مبادرتنا للإصلاح العام لتطوير أوضاعنا، بوضع استراتيجية لتحصين الجبهة الداخلية بالتحصينات الواقية من أمراض التطرف والانقسام الطائفي والديني والإثني، وتفعيل مفهوم المواطنة رابطاً أعلى، يسمو على كافة الولاءات، وترجمة المفهوم في مناهج التعليم، ومؤسسات الإعلام، والوظائف العامة، والمناصب القيادية، وتشريعات تكفل الحقوق والحريات العامة، وتمنح فرصاً متكافئة لجميع المكونات المجتمعية، لتندمج، طواعية، ضمن الإطار الوطني الجامع الذي يشكل خط الدفاع الأول، إذ لا جدوى من الحدييث عن المواطنة والوطنية، إذا كانت التشريعات تمايز بين مكونات المجتمع، أو كانت معاملة الدولة تقوم على نوع من التمييز المذهبي أوالقبلي أو الإثني، على أرض الواقع المجتمعي.
يقول تعالى (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم)، فنحن مسؤولون عن تردي أوضاعنا، أولا، ومسؤولون عن تغييرها، أيضاً، لا الآخر، يقول تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
السؤال: كيف نغير الأوضاع، وكيف نعزز التضامن العربي؟ في أدبيات التنمية قاعدة ذهبية لإنجاح المشروعات المتعثرة، تقوم على عنصرين الإرادة الحازمة، والإدارة الكفؤة، وهما كفيلان بتغيير الأوضاع المتردية، والحمدلله تعالى لدى العرب من الإمكانات والموارد والكفاءات ما يمكنهم من تفعيل هذين العنصرين، بما يحصن (البيت العربي) من التصدع، ويقوي التضامن العربي.
ختاماً: إذا كان التضامن العربي فيما مضي، حاجة ملحة، فإنه اليوم أكثر إلحاحاً في مواجهة الأطماع والتحديات.

بقلم : د.عبدالحميد الأنصاري
copy short url   نسخ
07/08/2017
5210