+ A
A -
هناك جُنون البَقَر، وفي المقابل هناك جنون البَشَر. جنون البقر مقدور عليه، لكن هَيْهَات أن يُصَوِّرَ لكَ عَقْلكَ أن يَكونَ جنون البشر هَيِّناً، فهو أكثر ما يَليق بِكَ أن تَخشاه وتَحسب حسابَه في زمن غياب تَبْكِيت الضمير وحُضور تَبْييت النِّيات وتَصفية الحسابات..
عَن الإعاقة التي يَستدرجكَ إلى حفرتِها جنون البشر نَتحدث، ولن نلْجم الألسنةَ والأصوات التي تَعلو مطالبةً بإعدام خُطوات مَن يَتسببون في الإعاقات التي يَصنعها سيفُ المجتمعات..
ليس مِنَ الْمُخْجِل والْمُحْرِج أن تَكونَ معاقا، لكن المخجِلَ والمحرِجَ أن تَكون معاقا في عيون الآخَرين..
الآخَر محرَقَة. الآخَر هو الذي يَجعلكَ معاقا حين يَنظر إليك وكأنكَ معاق، ويُعاملك على أنكَ معاق، مع أن الحقيقةَ تَقول إنه (الآخَر) هو المعاق رقم 1، أو لِنَقُلْ ما مِن مُعاق سواه.
الآخَر (المعاق بحق) يُلْغي وُجودَكَ وكينونتكَ.. بِرَبِّكَ في أيّ دين وفي أيّ شريعة يَستبدّ بالآخَر قَتْلُه لكَ قتلا بطيئا تحتَ سِياط التجاهُل والانتقاص مِن الشَّأن وتَمْريغ الكرامة في التراب؟!
الكرامة! لكَ أن تَحْرمَ المرءَ من شَربة الماء واللّقمة، ويَتحمل المسكين، لكن لا تَكُن الذئبَ الذي يُمَزِّقُ حَقيقةً قميصَ الكرامة في زمن غابة الأشجار البشرية وقانون الذئاب..
العَدالة الإنسانية نَصّ غائب..
حين يُقْدِم إنسان ما على جريمةٍ ما فإنه يَجِدُ مكانَه الطبيعي في السجن، لكن ما هي سوى مُدَّة ويَنقضي الحُكْمُ، فيَعود مجددا لِيُكْملَ طريقَه في الحياة كأنه لم يُذْنِبْ يوما ولم يُعاقَبْ على خطإ أو تهاوُن أو تَجاوُز أو انفلات.
المأساة في العقوبة التي يَطبع بَصمتَها المجتمعُ، المجتمع الذي لا يُريد أن يَتسامَح رغم جهله بنصف الحقيقة، الحقيقة التي لم يَرَ منها إلا الجانب الْمُظْلِم رافضا أن يَعترِفَ بأننا كُلّنا كالقمر له جانب مُظلِم..
جَهْلك للحقيقة كاملة يَجعلكَ برفضكَ تُدخِلُ في حساباتكَ مَن لا ذنبَ له، وتَحكم عليه بالموت البطيء وأنتَ تَدخل معه في قطيعة لا تُرضي الله، قطيعة مِن باب اتخاذ إجراء عقوبة.. هي قطيعة قد لا تَنتهي، لكنها قد تُنْهي حياةَ إنسان..
جنون العظمة يُهَدِّد بإبادة البَشَر في الوقت الذي يَحرص بَعضهم على أن تَنبتَ له قُرون البَقَر لِيَنْطحُوا ويَطْحنُوا غير مُبالين وكأنهم حَجَر..
ألا يَكفي أن تَتَفَجَّرَ الأنهار مِن الحَجَر، ومِن الحَجَر ما يَهبط من خَشْيَة الله؟!
لِيَسقطْ جنون العظمة أو الميغالومانيا كما كانتْ تُعْرَف في التاريخ الإغريقي!
نَافِذَةُ الرُّوح:
«سُطور الحُبّ الحقيقي هي ما لَكَ أن تَقْرَأَه في العُيون».
«لا نَعيش لأننا نَسْتَمْتِع، إنما نَسْتَمْتِع لأننا نَعيش مِن أَجْل الآخَرين».
«الابتسامةُ عقد لؤلؤ يُزَيِّنُ عُنقَ ثَغْرِكَ».
«تَخَلَّصْ مِن الأفكار الْمُزْعِجَة قبل أن تَنامَ كما تَتَخَلَّص من الْجَوارِب المستعمَلة».
«قد تُسْعِف الْمِمْحاة بِمَسْح سُطور، غير أنَّ سُطورا في دفاتر الذاكرة والقلب يَعْجِزُ ماءُ جافيل نَفْسُه عن التخلص منها».
«غَيْمَةُ الحَنين ضَلَّتْ طَريقَها إلى صَحْرائي».
«كُنْ عَادلا يا زَمَن الأَوْباش وانْتَصِرْ لِتاريخِ الحَقّ».
بقلم : د. سعاد درير
copy short url   نسخ
10/08/2017
2904