+ A
A -
ارتبط مسمى «لاجئ» بذاكرة فلسطين المنكوبة، قرابة خمسة ملايين لاجئ في بلدان متفرقة عدا ديارهم. ورغم أنهم مازالوا يحلمون بالعودة، ورغم أن بيوتهم لم تعد لهم، إلا أن الوجدان العربي وقتها مازال حيًا. كنا نعرف ماذا يعني النزوح، وفقدان الإطار الشخصي، نعرف ما الذي يعنيه أن تفقد ملامح يومك الروتينية. وكان ذلك مؤلما ومحفزا للقريحة أن تنهمر كالشلال، تتوقد كالشرارة، ولا تنطفئ. «سنرجع يوماً إلى حينا ونغرق في دافئات المنى/ سنرجع مهما يمر الزمان وتنأى المسافات ما بيننا. فيا قلب مهلاً ولا ترتم على درب عودتنا موهنا/ يعز علينا غداً أن تعود رفوف الطيور ونحن هنا» هكذا غنّت فيروز، هكذا كتب هارون هاشم رشيد، الذي لقب بشاعر العودة. وهكذا كان الجسد العربي يتقلب على أوجاعه من أجل الفلسطيني النازح والمطارد من بيته ومن حقله ومدرسته. اليوم.. وباقتراب رمضان، لاجئون عرب في بورنهايم يفكرون في أوطانهم، لاجئون سوريون، عراقيون أيضًا في تركيا والأردن وفي بقاع أخرى. قرابة 5 أفراد يتشاركون 20 متراً تقريبا في أحد ملاعب بورنهايم الذي تحول لملجأ للفارين من الرصاص والموت. تقول الأستاذة في كلية العلوم النفسية بجامعة برلين إيفا لوتا براكماير فقدان نظام يومي يعزز هذا الشعور. ومع انعدام العمل أو مهمة مجدية تعطي للحياة معنى، يشعر هؤلاء اللاجئون بالوحدانية وأن حياتهم مقلصة في كونهم لاجئين وجودهم في الانتظار. وبالتالي فإن الكثيرين منهم، كما تقول يصبحون «مكتئبين ومحزونين ويائسين ويغرقون في التفكير». فهل نام الضمير العربي؟ هل جفت القرائح. هل أصبنا بالبلادة لكثرة ما ألم بنا من مآس؟ أم اصبنا بالعادية التي قال عنها ممدوح عدوان: لقد تعودنا على كل شيء، على الموت، على أن نفقد من نحب بسبب طلقة طائشة اختارت الضحية الخطأ. بل هل تعودنا أن نهجر بالجموع ونقف على حدود الدول الأخرى بانتظار ان يفتحوا لنا أبوابهم الضيقة. نعم لقد تعودنا. ونحن لا نتعود الا حينما تموت أكبر الأشياء فينا: إنسانيتنا!.



بقلم : كوثر الأربش

copy short url   نسخ
14/04/2016
4170