+ A
A -
لم تتأخر إيران في الرد على قرار العقوبات الذي تبنته الإدارة الاميركية في منتصف شهر يوليو 2017، هذه المرة جاء الرد عبر البرلمان أو مجلس الشورى الإيراني والذي استعانت به السلطة التنفيذية لأرسال رسالة واضحة ومباشرة إلى إدارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب التي تتبنى مواقف أكثر تشدداً مقارنة بإدارة الرئيس الاميركي السابق باراك أوباما.
أقر مجلس الشورى الإيراني جملة من الاجراءات يرى فيها رداً قوياً على واشنطن، حيث قرر توفير دعم مالي إضافي إلى قوات فيلق القدس التابع للحرس الثوري يقدر بحوالي 260 مليون دولار. كما أقر مبداً دعم المؤسسة العسكرية بشكل عام لمواجهة السياسات الاميركية التي تعادي إيران وفق مجلس الشورى، كما أقر أيضا دعماً لتطوير برنامج الصواريخ البالستية التي كانت وراء فرض عقوبات أميركية على إيران. الموافقة بالأغلبية المطلقة على تلك التوصيات للحكومة من قبل أعضاء مجلس الشورى كان متوقعاً بالنظر إلى أن البرلمان الإيراني يسيطر عليه المحافظون التقليديون الذين لم يكونوا على توافق مع الحكومة الإيرانية على موضوع الاتفاق النووي لولا الضغوط التي تمت من خلال مكتب المرشد الأعلى للثورة.
تتحدث توصيات مجلس الشورى عن جملة من القضايا الملفتة للانتباه: أولها يتعلق بوضع ضغوط على حكومة الرئيس حسن روحاني الجديدة التي سيتم تقديمها لمجلس الشورى للحصول على موافقة البرلمان على الحكومة برنامجاً ووزراء. مثل هذه التوصيات التي أطلقها مجلس الشورى ستلقي بضلالها على مناقشة الحكومة الجديدة وستفرض على الرئيس بعض التغييرات في مسار حركة حكومته الجديدة لا سيما فيما يتعلق في التعامل مع الاتفاق النووي وتبعاته التي لم تستفد منها إيران كما كانت التوقعات. ثانياً تدخل مجلس الشورى بهذه القوة يعيد قوة التحكم في المشهد السياسي إلى القوى المحافظة تقليدياً والتي تعد متطرفة في مواقفها السياسية نحو الولايات المتحدة، كما أنها أكثر قرباً للمؤسسة العسكرية والأمنية. سيقود هذا الامر في المحصلة إلى نوع من العسكرة للمشهد السياسي برمته. ثالثاً: يبدو جلياً أن المشهد السياسي الداخلي الإيراني يتطور على إيقاع السياسة الخارجية الموجهة لإيران، فأمام التشدد الذي تتبناه إدارة ترامب يزداد التشدد في المشهد السياسي الداخلي الإيراني، وهذا سينعكس في انتخابات مجلس الشورى القادمة وتقديم مجلس أكثر تشدداً مما سيقلل من فرص إيران من جني ثمار الاتفاق النووي.
فصل جديد في العلاقة الاميركية- الإيرانية آخذ في التشكل، يبدو في صفحاته اختلافات الامس والتباين الشديد في المواقف. المهم ربما هو العودة إلى المربع الأول حيث التصور السلبي والعدائي من قبل كل طرف للطرف الاخر. تصور سعى الطرفان إلى التخلص منه أو تخفيفه خلال المفاوضات حول الملف النووي لكن لا يبدو أن ذلك تحقق. يشار هنا إلى أن هذا الفصل يتأثر بالتفاعلات الإقليمية التي تحضر إيران فيها بشكل واضح، وهذا بالطبع يضاعف مع التوتر في العلاقات الإيرانية الإقليمية وكذلك العلاقات الإيرانية -الاميركية.
قد تبدو توصيات مجلس الشورى مسألة عابرة في العلاقات الاميركية -الإيرانية تشابه خطوات مماثلة في الماضي، لكن الظروف السياسية تبدو مختلفة سواء في الاقليم أو العالم، كما أن شكل التحالفات قد تغير بشكل ملفت، إضافة إلى أن الأدوار السياسية لبعض الدول ومنها إيران أصبحت مستنزفة للاقتصاد والسياسية. ما يجب الإشارة اليه هنا أن هذه التوصيات تجعل الفصل الجديد في العلاقات بين واشنطن وطهران يميل إلى التوتر والحرب الكلامية على أقل تقدير.

بقلم : محجوب الزويري
copy short url   نسخ
16/08/2017
2636