+ A
A -
قضيتان لا علاقة بينهما تعززان حالياً دعوة متحمسة لتنشيط تعاون بين المغرب وتونس وإسبانيا والبرتغال.
القضية الأولى هي مسألة الهجرة غير الشرعية، حيث قفزت إسبانيا خلال هذا الصيف إلى البلد الأوروبي الأول الذي يستقبل مهاجرين، وتفوقت على اليونان في عدد المهاجرين، كما تفيد إحصائيات «المنظمة العالمية للهجرة».
القضية الثانية، هي مسألة الحرائق التي اشتعلت في غابات المغرب وإسبانيا والبرتغال وتونس، خلال هذا الصيف.
في القضية الأولى، تحولت «سبتة» و«مليلية» اللتان تحتلهما إسبانيا في شمال المغرب إلى مصدر موجات من هجرات متتالية، إلى حد أن مقطع فيديو يصور مهاجرين أفارقة ينزلون من قارب مطاطي في أحد مصايف إسبانيا، أصبح الأكثر تداولاً في الأسبوع الماضي، عندما اختلط مهاجرون منهكون بملابسهم الرثة، مع مصطافين بملابس البحر.
تقول تقارير نشرت في الصحافة الإسبانية، إن كثيرين استغلوا الوضع المضطرب في منطقة «الريف» شمال المغرب بعد أحداث الحسيمة ليطلبوا دخول «مليلية» باعتبارهم «لاجئين سياسيين»، إلى حد أن إسبانيا فتحت مكتباً في منطقة «بني نصار» المجاورة لمدينة «مليلية» لبحث طلبات لجوء إلى دول الاتحاد الأوروبي من أشخاص يزعمون أنهم يتعرضون للاضطهاد في مناطقهم الأصلية خاصة السوريين والعراقيين، إضافة إلى مغاربة من منطقة الحسيمة التي تعرف موجة احتجاجات منذ أكتوبر من العام الماضي. ونسبت وكالة «إيفي الإسبانية» إلى المحامي رفائيل غاميز قوله إن معظم المغاربة الذين يقدمون طلبات لجوء من أولئك الذين صدرت ضدهم مذكرات بحث من طرف الشرطة المغربية.
الأمر لم يعد وقفاً على النقاط البرية، إذ أن صحيفة «إيه بي سي» الإسبانية كشفت النقاب لأول مرة عن أن إسبانيا قررت بالتفاهم مع المغرب إرسال طائرات بدون طيار (درون) لمراقبة المنطقة التي تفصل بين سبتة ومليلية والأراضي المغربية، وذلك بعد أن تكرر اجتياح مهاجرين أفارقة للأسوار التي تحيط بالمدينتين لمنع التهريب والهجرة غير الشرعية.
كان تعبير «الفرار إلى الغرب» من التعابير الشائعة قبل انهيار الكتلة الشرقية، وتحطيم جدار برلين في عام 1989.
كان معتاداً أيامئذٍ أن يستغل أحد مواطني «شرق أوروبا» فرصة وجوده في إحدى عواصم أوروبا الغربية، فيقرر طلب اللجوء السياسي وتتناقل وكالات الأنباء الخبر، وتقول إن فلانا «فر إلى الغرب». كان التعبير إيحائيا، إذ أن الفرار لا يتم إلا من مكان إقامة إجبارية.. سجن أو معتقل مثلاً. كان الإعلام في «أوروبا الغربية» يتعمد الإيحاء بأن لا حريات في شرق أوروبا.
جاء زمن أصبح فيه «الفرار إلى الغرب» مسألة مختلفة، أصبحت الهجرة تكاد تقتصر على مهاجرين منهكين بسبب الحروب والأوضاع الاقتصادية المتردية.
في القضية الثانية، كان المغرب قد بادر إلى التعاون مع البرتغال وإسبانيا لإخماد حرائق الغابات في البلدين، وتدخل العاهل المغربي شخصياً لتساهم قوات الدفاع المدني المغربية في مساعدة البرتغال لإخماد حرائق الغابات.
في المغرب نفسه قال مسؤول إن البلاد شهدت 125 حريقا بمختلف المناطق الغابويّة من يناير إلى حدود يوليو التهمت 397 على هكتارا. مشيراً إلى أن تعاونا مع إسبانيا والبرتغال ساعد في تقليل حجم الخسائر.
تفيد الأرقام الرسمية بأن 422 حريقًا نشب في المغرب خلال العام الماضي، وتقول السلطات إن مساحة المنطقة التي احترقت أقل بشكل ملموس عن نظيرتها في إسبانيا والبرتغال والجزائر.
كانت وزارة الفلاحة التونسية قد أعلنت بدورها أن الحرائق التي تستعر في غابات البلاد أتت على حوالي 2000 هكتار. وقال عمر الباهي الوزير في وزارة الفلاحة «سجلنا عدة حرائق في مناطق مختلفة من البلاد بلغت نحو 100 حريق تسببت في خسارة 2000 هكتار». وفي سياق متصل دعت بعض الجهات في تونس من الحكومة أن تطلب دعماً من إسبانيا والبرتغال والمغرب لمكافحة حرائق الغابات.
هكذا يبدو إن «الهجرة السرية وحرائق الغابات» أبانت إلى أي حد يمكن أن يكون تعاون دول شمال وجنوب البحر الأبيض المتوسط مطلوباً ومرغوباً.

بقلم : طلحة جبريل
copy short url   نسخ
19/08/2017
2596