+ A
A -
إذا كان حصار قطر يبدو في ظاهره عبارة عن أزمة إقليمية بين دول الحصار التي تصوغ اليوم رؤيتها المستقبلية للمنطقة ولوزنها الحضاري فإن تداعيات هذا الحصار أخطر من المتوقع خاصة على صورة الفرد المسلم في المخيال الغربي بشكل عام. الرؤية المستقبلية للمنطقة عبر عنها موقف السفير الاماراتي في واشنطن عندما قال صراحة إن مشروع الدولة العلمانية هو المشروع الذي تصبو إليه دول حصار قطر وأن فصل الدين عن الممارسة السياسية هو جوهر التحول المنشود.
لكن الضرر الأكبر في عملية التحول هذه هو ما ألحقه حصار قطر التمهيدي من ضرر بالغ على صورة العربي والمسلم في كافة أصقاع الأرض. نقول الحصار التمهيدي لأنه مقدمة لمشروع كبير يستهدف كامل المنطقة وقد عبر عنه كثيرون من الناطقين غير الرسميين لأصحاب القرار في الخليج. فمن بين التهم التي تم اللجوء إليها في هذه الأزمة هي تهمة الإرهاب التي استعملتها خاصة دول الحصار من أجل ضرب صورة قطر عبر اتهامها بتمويل الإرهاب وإيواء الإرهابيين وغيرها من الادعاءات التي لا يزال الإعلام الرسمي في دول الحصار يرددها. هدف دول الحصار شيطنة الخصم وهو هنا دولة قطر لكن هذه الدول لم تكن تعرف أنها كمن يطلق النار على قدميه وكمن يشيطن نفسه.
إن محاولة تشويه صورة قطر في الإعلام الغربي هي في الحقيقة تشويه لصورة كل العرب وكل المسلمين بمن في ذلك السعوديون والاماراتيون. فالمتلقي الغربي والأميركي تحديدا لا يفرق بين السعودي والاماراتي والقطري والكويتي والعماني والمغربي والمصري... فهم كلهم عنده مسلمون. بمعنى آخر فإن الوعي الغربي يجمّع المسلمين في تصوره لهم وهو في ذلك أصدق من الأنظمة العربية التي تفرق بين شعوبها.
السعودية مثلا تقع في قلب عاصفة الاستهداف الغربي عبر مسلسل الابتزاز الذي لن ينتهي جراء أحداث الحادي عشر سبتمبر 2001 وها هي آلة السينما الأميركية بصدد إعداد فيلم ضخم عن تورط السعودية في هذه الهجمات. لكن الكارثة هي أن هذا الفيلم يستهدف العرب والمسلمين كلهم لا السعودية فقط وعوض أن تتفرغ المملكة لصناعة خطاب ورؤية مضادة لمن يحاولون النيل منها ومن صورتها ها هي تستسلم لخطاب يساهم في تكريس الصورة السلبية عنها وعن المسلمين جميعا.
بقلم : محمد هنيد
copy short url   نسخ
31/08/2017
2620