+ A
A -
خرجت إيران حتى الآن فائزة في كل ساحات المنطقة بينما يدفع باقي أهالي المنطقة أثمانا باهظة، فبسبب حماقة السعودية - حسب وصف صحيفة ناشيونال إنترست الأميركية في عددها الصادر يوم الثلاثاء الماضي - جنت إيران من أزمة الخليج أرباحا طائلة وفي قراءة سريعة لهذه المكاسب والأرباح سواء من الناحية الاقتصادية حيث أصبحت أحد المزودين الرئيسيين للاحتياجات الغذائية لأهل قطر أو من خلال عبور الشاحنات والبضائع التركية من أرضها واستخدام موانئها وسفنها لنقل البضائع التركية إلى قطر، أو على مستوى الحج فقد خضعت السعودية لكل شروط الإيرانيين بما فيها إقامة اللطميات والهتافات في كل أركان الحج وفي كل الأماكن تحت حراسة القوات السعودية لأول مرة منذ قيام الثورة الإيرانية، أو على مستوى العلاقات الخارجية فقد سعت السعودية لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع إيران دون قيد أو شرط.
وقد تضمن هذا أيضا انسحاب السعودية من أي دور مستقبلي في سوريا أو العراق وأن يكون دور السعودية في لبنان متوافقا مع ما تريده إيران وبهذا تكون السعودية قد خسرت كل شيء مقابل تحقيق إيران مكاسب في كل شيء، هذا على صعيد العلاقة مع السعودية، أما في ما يتعلق بالعراق فقد تم القضاء على داعش التي استخدمت كغطاء لتدمير الوجود السني في العراق وبناء نظام سياسي واجتماعي وسكاني جديد يكون تابعا لإيران مع بنية ديموغرافية وسكانية وعرقية ومذهبية مختلفة.
ويمتد هذا النظام ليصل إلى سوريا التي تخلت عنها دول الخليج وجمدت الولايات المتحدة دورها في سوريا وحصرت دورها حسبما صرح وزير الخارجية الأميركي في لقاء جمعه مع الأمين العام للأمم المتحدة الشهر الماضي حسب تسريبات مجلة «فورين بوليسي» الأميركية إن تيلرسون أبلغه بأن الولايات المتحدة قد فوضت روسيا في ما يتعلق بمصير الأسد وحدود استراتيجية الولايات المتحدة في سوريا أصبح القضاء على تنظيم الدولة، وهذا يعني أن إيران قد حققت مكاسب كبرى بقرار الولايات المتحدة والدول الغربية وكذلك السعودية التنازل عن شرط رحيل الأسد من أي حلول قادمة وهذا معناه أن جهود إيران في سوريا من أجل الحفاظ على الأسد ونظامه قد آتت أكلها.
وقد أعلن المرشد الأعلى للثورة الإيرانية السيد علي خامنئي بأن المصالح هي التي حركت إيران للتواجد في سوريا كما أن حجم الاستثمارات في سوريا يمتد إلى خمسة وعشرين عاما، وهذا يعكس أن هناك رؤية واستراتيجية إيرانية للبقاء في سوريا ربع قرن على الأقل وهو كافٍ لتغيير التركيبة السكانية والعرقية والمذهبية في سوريا كاملة ليصبح النفوذ الإيراني ممتدا من سواحل إيران على المحيط الهندي مرورا بالخليج العربي وصولا إلى البحر المتوسط علاوة على نفوذها المذهبي في شرق السعودية والكويت والبحرين وهذا هو أكبر امتداد للامبراطورية الفارسية منذ عصر ما قبل الإسلام. مجريات الأحداث في المنطقة تشي بتغيرات ديموغرافية وعرقية ومذهبية مخيفة لاسيما وأن أهل المنطقة فقدوا السيطرة عليها وتركوا القوى الكبرى تخطط وتنفذ بينما شعوب المنطقة أصبحت هي المحرقة.
بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
07/09/2017
6587