+ A
A -
جحيم على الأرض يَتقلَّب شَيّاً على جمره قوم يَغيب عنهم السلام، ولا تَنجح الأقلام مهما نَزفَتْ حِبرا يُوازي بحرَ دموعهم لتُوجِّه أصابع الاتهام إلى مَن يَسهرون على إبادة البشر من باب التطهير العرقي..
إنها ميانمار، ميانمار أو قلعة الموت التي يَتمّ فيها تعذيب الروهينغا، بل معاقبتهم على تمسكهم بالإسلام في الوقت الذي يُنادي فيه مَن يَهتفون باسم السلام بضرورة إيقاف هذه المهزلة. أهناك مهزلة أكبر من هذه التي تَستنكرها الأصوات الخافتة المطالِبة بإعلاء صوت الحقيقة الثابتة عند مَن لا يُريدون إيقاظَ ضمير النفوس التي هي عن قول كلمة الحَقّ ساكتة؟!
الغريب في أرض مَن هُم بالترويع والقتل يتلذذون هو سكوت كبيرتهم «سان سوتشي أُون» عن التدخل، «أون» الحاصلة على جائزة نوبل للسلام لا تُبالي بِمَن يُقصقصون ريشَ طائر السلام!
حَرب الإبادة تَأكل قلوبَ الروهينغا بوصفهم أقلية مسلمة تنام على أرصفة الشوارع التي لا تَقود إلى مُدن الإنسانية. وما ذنب الروهينغا في كل هذا لِيَتمّ العبث بأطفالهم ونسائهم بعد تشريدهم والتواطؤ على حرق القُرى التي تؤويهم، بينما تَقول بعض الجهات المسؤولة في البلاد إن الروهينغا هُم مَن يُشعلون فتيل الفساد ويَعصفون باستقرار البلاد..
الروهينغا أُناس لا تُلهيهم إبادة عن عبادة الله حقّ عبادة، بل يوثرون الفِرار في غياب تدخل رسمي مِمَّنْ يُنتظَر منهم المسارعة إلى اتخاذ قرار لإنهاء مسلسل الرعب ووضع حَدّ للهجرة القسرية في ظروف غير صحية تَجعلهم يَذوقون الموتَ مرارا وهُم في طريقهم إلى بنغلاديش أو إندونيسيا وما جاورهما في الوقت الذي لا يَسمح فيه الْمَدّ البوذي في ميانمار بالاعتراف بمسلمي الروهينغا الذين يَتمّ رفضهم رفضا لا يَتفق مع منطق القِيَم الإنسانية..
الْمَكسَب الوحيد الذي يَناله الروهينغا هو تعاطف الأصوات البعيدة التي تَرى أن من المخجِل أن يستمرّ الوضع على ما هو عليه، وأن من غير العدل أن يُلقى بهم حطبا لجهنم القائمة على الأرض.
إذا كانت العدالة الإنسانية غائبة عند مَن لا يهمهم أمر الروهينغا، فإن من الحكمة ألاَّ يصمتَ بنو ديانتهم عن التنديد بمأزقهم لإيقاظ ضمير الإنسانية النائم وفك خيوط الجريمة الكاملة، بينما القوى الجائرة تتفانى في تحقيق أحلام الترهيب والتعذيب والتجويع والترويع والطحن والنطح..
إنه كابوس فظيع يُطيح شيئا فشيئا بِصَرح الإسلام، الإسلام الذي يُحارَب من كل الجهات في هذه الأيام في حين تَجِد أن أكثر القائمين على أمره نِيام..
وتَستمر محنة الروهينغا في ضوء جنون قطار الموت..
نَافِذَةُ الرُّوح:
«الحِسّ الإنساني لا تُخطئه عيون الموت».
«بين الحُلم والكابوس مسافة صمت يَدفع ثمنَه المتقاعدون عن النوم».
«تَتلذذ بتعذيبي، وأتألم لرؤيتك ساحبا وراءك جثة تسمى ضميركَ».
«لَسْتَ في حاجة إلى أن تَسأل الجبانَ عن فلسفة الصمت».
«بين الحُبّ والحَرْب رغبة».
«مِقَصّ العَدْل الغائب يَقصّ ثوبَ الحياة على غير مقاسات الإنسانية».
«بينك وبين قلبكَ حُدود لا تَعترف بها مدينةُ العشق».
بقلم: د. سعاد دَرير
copy short url   نسخ
14/09/2017
3143