+ A
A -
لم تكن مباراة كرة القدم الأخيرة التي لعبها الفريق السوري مع الفريق الإيراني، ضمن تصفيات كأس العالم، مباراة رياضية على ما تجري عليه في العادة مباريات كرة القدم.
فالفريق السوري ليس كغيره من الفرق، إذ ثمة لاعبان أساسيان فيه كانا قد أعلن انشقاقهما عن النظام السوري قبل سنوات، عمر السومة وفراس الخطيب ثم منذ مدة ليست بعيدة أعلنا عودتهما إلى (حضن الوطن)، وثمة لاعبون أساسيون في تشكيلة الفريق الأساسية قبل 2011، قد تم اعتقالهم من قبل النظام السوري وأعلن عن موتهم تحت التعذيب في المعتقل، والمباراة ضد إيران، الحليف الأول للنظام السوري في حربه ضد شعبه الثائر، المباراة التي استطاع فيها الفريق السوري تسجيل هدف التعادل في اللحظات الأخيرة بتوقيع اللاعب عمر السومة، المنشق سابقا، لم تمض على خير لا بالنسبة للفريقين ولا للسوريين.
إذ تحدث طاقم الفريق السوري بعد المباراة عن العنف أو الاستعلاء والعنجهية التي مارسها الإيرانيون على الفريق السوري وطاقمه بشكل مقصود حسب التصريحات، نتيجة المباراة أيضا، اعتبرها مسؤولون إيرانيون مهينة بحق إيران، وذهب بعضهم إلى أنها منحازة أو أن هناك تواطؤاً ما على النتيجة.
المباراة كلها أيضا لم تمر مرور الكرام على السوريين المنقسمين أصلا، والموزعين في شتى أنحاء العالم، فبينما كانت المباراة فرصة لسوريي الداخل، في مناطق النظام وفي المناطق الخارجة على سيطرته، لاستعادة بعض الانتماء الوطني السوري الذي ضاع واختفى تحت أصوات الطائرات والصواريخ والموت المتنقل في سوريا منذ «6» أعوام، وهو ما قاله كثير من السوريين المعارضين خارج سوريا، وتابعوا المباراة بشغف شديد، واحتفوا بهدف التعادل الأخير، بينما اعتبر قسم آخر، كبير، من السوريين أن تشجيع المنتخب السوري هو بمثابة تبييض صفحة النظام، فالمباراة تجري وكأن لا شيء يحدث في سوريا، وكأن سوريا تعيش في أبهى سنواتها، وكأن لا موت ولا قتل ولا تهجير ولا تشريد للسوريين، وكأن البلد ليس محتلا من الجميع، وخارجاً على سيطرة الجميع بما فيهم النظام نفسه، اعتبر هؤلاء أن النظام سيستفيد من النتيجة ومن إقامة المباراة بدون أي شك، وأنه سيتم خلط الأمور لصالحه، وهو ما حدث فعلا، إذ بعد عودة المنتخب إلى سوريا أعلن كابتن الفريق، على العادة السورية القديمة، إهداء نتيجة المباراة إلى: (السيد الرئيس بشار الأسد قائد الأمة)، وكأن السنوات الست تلك لم تمر على سوريا إطلاقا، وكأن ثمة إصرارا وقحا على ربط أي شيء وطني سوري بالنظام، وهو ما يلغي الهوية الوطنية السورية تماما، ويزيد في انقسام السوريين، ويزيد في حالة البروباغاندا التي يعتمدها النظام في إظهار صورة مخالفة لصورته أمام العالم، بيد أنه، في المقابل، يحق للسوريين البحث عن نقطة تلاق تجمعهم ببعضهم البعض، وبالوطن الذي يتسرب من أيديهم شيئا فشيئا، والمسفوح بين اقدام اللاعبين الكبار، طالما الحلم الذي حلمه ملايين السوريين قد تم وأده وتحويله إلى كابوس مخيف، فليفرح وجدان السوريين أي حدث وطني صغير، بانتظار حصول معجزة الحدث الأكبر.
بقلم : رشا عمران
copy short url   نسخ
19/09/2017
2440