+ A
A -
إنَّ الفساد السِياسِي العامّ يأخُذ أشكالًا متعَددة يأتِي على رأسِها الرشاوى المباشِرَة للقيادات السياسيَّة والإداريَّة، والرشاوى المستمرة التي تأخُذ صورًا متعددة منها تمويل الانتخابات ورشوة الناخبين، التبرعات للأحزاب السياسية، تعاون الأجهزة الحكومية الخاضعة لتلك الأحزاب أو التكتُلات في التحايل على تنفيذ قوانين الجمارك والرخَص التجارية والضرائب والسياسات الجنائية والسياسات الخارجية، وها نحنُ أيها القارئ العزيز في كُلِّ مكان نعيشُ عصرًا ثريًا بالفساد السياسِي والأيام حُبلى في هذه الدورة العمرية بسيناريوهات غريبة في القريب والبعيد لدولٍ تكادُ تبيع اسمها في سوق الفاسد الأسود لأجل تحقيق مآربها الشيطانية، وها هي الأيامُ كذلك تفضَحُ دسائس دول الحصار يومًا بعدَ يوم لتضعها أمامنا في وجبات ميلودرامية متواترة تكشِف الظُلم والبُهتان والجُور الذي تعرضت وتتعرضُ لهُ قطر من قِبَل دُوَل الجوار التي أصبحت أقرب للعاريّة أمام الرأي العام الدولي.
آخر السيناريوهات الميلودرامية هذه كانت تورُط الإمارات في رشاوى دوليَّة لتشويه صورة قطر، فقد أعلنت منذُ أيّام الهيئة المستقلة لمراقبة الأمم المتحدة ومقرها جنيف ونيويورك، أنَّها تقدمت برفقة حقوقيين سويسريين بطلب إلى الشرطة السويسرية لاعتقال كل من سرحان الطاهر سعدي المقيم في سويسرا والمنسق العام لجمعية محلية إماراتية متورطة في تقديم رشى وغسيل أموال تُدعى «الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان»، إضافة إلى شخص آخر إماراتي الجنسية يدعى أحمد ثاني الهاملي يقف خلف ذات الجمعية بجانب منظمة أخرى تدعى «ترندز» للبحوث والاستشارات، حيثُ تقدمت الهيئة للشرطة السويسرية بتقرير تفصيلي مدعَّم بالأدلة وإفادات الشهود حول قيام الأشخاص المتهمين بتوزيع رشى داخل الأراضي السويسرية وداخل مقرات الأمم المتحدة إضافة إلى نقل أموال والعمل بصورة غير قانونية، إضافة إلى التحقيق بكل الوسائل حول كيفية إيصال تلك الجمعية للأموال إلى جنيف وكيفية إنفاقها، إضافة إلى التحقيق مع الأشخاص والمؤسسات التي تلقت أموالاً من تلك الجمعية، بجانب معاقبة بعثة الإمارات لدى الأمم المتحدة لقيامها بإجراءات غير قانونية من خلال دعم تلك الجمعية.
أليس من المعيب والمشين أن تقوم حكوماتٌ تاريخُها يمتدّ لسنين طويلة بتضليل الرأي العام الدولي والمحلي، عيبُ وشنارٌ عليها أن تمارس هذه الجهود الضالّة الغير أخلاقية لتتستّر تحت غِطاء المجتمع الدولي وتضغط على المقررين الخاصين التابعين لمجلس حقوق الإنسان، وتخالف كافّة الأعراف والأساليب المهنية المتبعة في العمل بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي بشكلٍ خاص والأمم المتحدة والقانون الدولي بشكلٍ عام، هؤلاء لا يبتغون إلا تشويه صورة قطر في أي شكلٍ من الأشكال وربطها برعاية الإرهاب وانتهاك حقوق العمالة الآسيوية.
تعلمنا منذُ الصِغَر أنَّ الأنظمة السياسية الدكتاتورية في كُل مكان دائمًا ما كانت ترفع شِعاراتٍ ضدَّ الفساد، إلا أنّها عجزَت على الدوام عن اثبات صحَّة ادعاءاتها تلك؛ حيثُ دائمًا هُناك فضيحة تنتظرها في أقرب الآجال، فهي لا تستطيع نهائيًا ان تُمارِس شعاراتِها على أرض الواقع، غنَّهُ من العَيب أن يتمّ استخدام السُلطَة العامّة من أجل تحقيق مآرِب خاصّة، تستحق الأمارات أن تتورَط في جريمة جديدة يُلاحقها بسببه القانون الدُوَلِي، فالتحالُفات والمؤسسات الدولية ستقوم بدورها في القبض على المذنبين ومحاكمتهم ومقاضاتهم وإصدار الأحكام الجزائية في حقهم. مرحى لكم سقطاتكم الأخلاقية والسياسية والقانونية، أبدعتم!

بقلم : خولة مرتضوي
copy short url   نسخ
29/09/2017
2718