+ A
A -
يقول باولو كويلو في روايته الشهيرة الخيميائي:
عندما تريد شيئًا بشدّة فإن العالم كله يتآمر معك لتحقيقه!
وددتُ لو أن الرائع باولو قال: عندما تريد شيئًا بشدة وتسعى إليه فإن العالم كله يتآمر معك لتحقيقه، فالرغبة في شيء ما لا تكفي للحصول عليه، لا بُدَّ أن يُشمر المرءُ ويجد، لهذا أجد أفضل وأحكم من قول كويلو هذا قول أحمد شوقي:
وما نيل المطالب بالتمني
ولكن تُؤخذ الدنيا غلابا!
وليس بعيدًا عن أحمد شوقي في الجغرافيا وإنما في التاريخ، فقد كان كافور الأخشيدي وصاحبه عبدين في سوق النخاسة، ينتظر كل منهما سيدًا ليدفع ثمنه ويصير إليه، وبينما هما كذلك إذ دار بينهما حوار، وأخذ كل واحد منهما يسأل الآخر عن أمنيته، فأما صاحب كافور فقال له: أتمنى أن أُباع إلى طباخ لآكل ما أشاء وقتما أشاء، وأما كافور فقال له: أما أنا فأتمنى أن أملك مصر كلها!
وبعد أيام بيع صاحبه إلى طبّاخ، وبيع كافور لأحد قادة جيش مصر، فما زال كافور يجد ويجتهد حتى أعجب به سيده، فأدناه منه، فلما مات السيد حلّ كافور مقامه، وما زال يثبت جدارته حتى صار قائدًا على جنود مصر جميعًا، ثم فتكَ بالحاكم وتولى مكانه!
ودارت الأيام، ومرّ كافور على صاحبه القديم، فإذا هو عند الطباخ كما تمنى، يأكل ويشرب، وليس له من الدنيا إلا لقمته، فقال كافور لمن كان معه:
لقد قعدت بهذا همته فكان كما ترون، وطارت بي همتي فصرتُ كما ترون، ولو جمعتني وإياه همة واحدة، لجمعنا مصير واحد!
يبدو أن كافور كان يؤمن بالمقولة الشهيرة: الغاية تبرر الوسيلة! وسواءً اتفقنا معه أو اختلفنا فهذا هو شأن السياسة والسياسيين في كل عصر، قلما تُدار السياسة بنبل، لأنها قلما ترتبط بالمبادئ وإنما بالمصالح، والشخص الذي لا يرى إلا مصلحته على استعداد أن يحرق مدينة ليشعل سيجارة.
وبغض النظر عن الطريقة التي وصل بها كافور، والتي أنا ضدها بالطبع لأني أؤمن أن نبل الوسائل من نبل الغايات، إلا أنه وصل أخيرًا، وأنه قبل أن يصل سلك طريقًا وعرًا وشاقًا لتحقيق حلمه!
يقول الفرنجة: هدف بلا خطة هو مجرد أمنية!
وأقول أنا: أنتَ ما تريد، وصورتك هي كما ترى نفسك، ومركزك بقدر همتك، وقد ذكرتُ لك قصة عبدين، عاش أحدهما لبطنه، وعاش الآخر لحلمه، ثم بعد الآن، أنتَ وما ترى!
بقلم : أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
03/10/2017
4820