+ A
A -
تكشف المجزرة الأسوأ في التاريخ الأميركي الحديث، وهي حادث إطلاق النار في لاس فيغاس، الذي خلف اكثر من «550» قتيلا وجريحا، عن حقيقتين مؤسفتين – فضلا بالطبع عن سقوط الضحايا دون ذنب أو جريمة– أولاهما متواترة غربيا، سواء من قبل أوروبا، أو الولايات المتحدة الاميركية، وهي أن الإرهاب، تهمة لصيقة بالمسلمين دون غيرهم، وان أي جريمة مهما كان حجم الدماء التي تسيلها، والدمار الذي توقعه، لا تستحق وصف الجريمة الإرهابية، ولا ينعت مرتكبها بأنه إرهابي، طالما كان ليس مسلما. بدليل أن مهاجم لاس فيغاس، لم يوصف بالإرهابي، لا لشيء الا لأنه اميركي الاصل والمنشأ، واسمه ستيفين بادوك، وليس محمد، أو عبد الله.
تلك الحقيقة العنصرية، لم تلفت نظر العرب والمسلمين – ربما كانوا الأقل تعليقا عليها وإدانتها، بل تناولها الغربيون والاميركيون، باستغراب ودهشة شديدين.
وعلى سبيل المثال، فقد تساءل الكاتب الاميركي الشهير، توماس فريدمان.. ماذا سيكون رد فعل الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، والمشرعين في الكونغرس في حال كان مُطلق النار مسلماً ويتبع تنظيم «داعش» الإرهابي؟ وانتقد بحدة التشريعات الأميركية الخاصة باقتناء الأسلحة التي سهلت عملية ارتكاب مثل هذه المجزرة.
لو كان ستيفن بادوك مجرد مسلم.. لو صرخ بصوته قائلاً «الله أكبر» قبل أن يُطلق النار على جميع هؤلاء المحتفلين في لاس فيغاس.. لو كان أحد أفراد تنظيم «داعش».. لو حصلنا على صورة له وهو يحمل قرآناً بإحدى يديه ويحمل في الأخرى بندقيته شبه الآلية. لو كان كل ذلك قد حدث، فلن يقول لنا أحد إياكم وإهانة الضحايا ولا «تُسيسوا» القتل الجماعي الذي قام به بادوك، وذلك بالحديث عن الحلول الوقائية.
الحقيقة الثانية، هي ان العالم، لم يصبح أكثر أمنا، رغم ما تحقق من انتصارات على تنظيم داعش الإرهابي، والنجاحات التي تحققت في ولايته المزعومة بكل من سوريا والعراق. اذ ما زال القتل ممكنا، وبدرجة شديدة المأساوية، كما حدث في لاس فيغاس، ناهيك عن الاسئلة الكبيرة، التي ستبقى تتردد في جميع الاوساط دون إجابة لفترة طويلة.. فإلى اين ذهب أو سيذهب الدواعش؟.. بصيغة أخرى، هل سينتقل العالم من مرحلة التجمع الداعشي، إلى مرحلة الذئاب المنفردة، التي تنتشر بين الناس في الأسواق ومحطات المترو، مهددة حياتهم؟
بقلم : محمود عيسى
copy short url   نسخ
08/10/2017
7141