+ A
A -
في كلية الحقوق، دخل الأستاذُ إلى قاعة المحاضرة، وأشار بيده إلى أحد الطلاب، وقال له: ما اسمك؟
وما كاد الطالب يجيب، حتى صرخ به الأستاذ وطرده من القاعة وسط دهشة الحضور!
ثم قال: حسنًا لنبدأ درسنا، أخبروني ما الغاية من القانون؟
فقال طالب: كي لا تقع الأمور السيئة في المجتمع!
فقال الأستاذ: لا!
قال آخر: كي يدفع المسيء ثمن إساءته!
فقال الأستاذ: لا!
ثم قال ثالث: كي يسود العدل!
عندها قال الأستاذ: هذه هي الغاية الحقيقية من القانون، أن يسود العدل!
ثم قال للطلاب: عليكم الأمان، هل تصرفتُ بعدل مع زميلكم؟
فقالوا جميعًا: لا
فقال: إذًا لقد ارتكبتُ ظلمًا بحق زميلكم؟
قالوا: نعم
عندها قال لهم موبخًا: لقد رأيتم الظالم بأم أعينكم، وسكتم عنه، ولم تحركوا ساكنًا لإقامة العدل، غدًا ستصبحون محامين، لا تدافعوا عن ظالم ولو دفع لكم ولا تقفوا ضد عادل ولو كان الخصم، ليس لدي شيء أضيفه، لقد كان هذا درس اليوم.
في الحقيقة هذا ليس درس اليوم فقط، وإنما هو درس كل الأيام!
الحياة تضعنا كل يوم في اختبار تكون فيه قيمنا ومبادئنا على المحك وما أكثر الراسبين وأقل الناجحين!
قلما تجتمع المصالح والمبادئ معًا، والذي يفعله أكثر الناس أنهم يختارون المبادئ ما دام الحدث متعلقًا بالآخرين، ويختارون المصلحة إذا تعلق الأمر بهم، وهذا أقل كلمة تصفه هو الانفصام!
الأم التي لا تسكت عن أي خطأ يفعله زوج ابنتها مع ابنتها، تجدها تسكت عن خطأ أكبر منه يفعله ابنها مع كنتها!
والزوجة التي تقيم الدنيا ولا تقعدها لخطأ ترتكبه زوجة أخيها مع أمها تفعل مثله وأكثر هي مع حماتها!
وعليه قِسْ
إن أسوأ ما يفعله البشر أن يكونوا ضد الفاعل أو معه لا ضد الفعل أو معه!
النبل يقتضي أن تحكم على التصرف بالخطأ والصواب بغض النظر عمن قام به، فالخطأ خطأ ولو قام به من نحبه، والصواب صواب ولو قام به من نكرهه، والإنسان الذي لا يُدافع عن العدل لأنه عدل فقط، ولا يقف ضد الظلم لأنه ظلم فقط، يتخلى عن جزء كبير من إنسانيته!
كل ظلم نراه ولا نحرك لتغييره ساكنًا مع امتلاكنا القدرة لذلك نحن شركاء فيه، وكل إهانة يتلقاها إنسان أمامنا ولا ندافع عنه نكون قد اشتركنا في إهانته، إن أعلى مراتب الإنسانية أن لا يرضى الإنسان لغيره ما لا يرضاه لنفسه بغض النظر أحبّ أم كره!
بقلم : أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
12/10/2017
4173