+ A
A -
التغيرات الدراماتيكية الهائلة التي تحدث في العالم الآن من خلال الحكام البارزين الذين يديرون دفة أموره وعلى رأسهم دونالد ترامب لا تبشر بخير لمستقبل البشرية على الإطلاق، فرغم أن الولايات المتحدة الأميركية بعد ظهورها كقوة عالمية بارزة في أعقاب الحرب العالمية الثانية واستخدامها القنابل النووية ضد اليابان ورثت الامبراطوريات الغربية المتهاوية وعلى رأسها الامبراطورية البريطانية، فارتكبت كثيرا من الجرائم بحق شعوب العالم، وكانت بحق كما وصفها عميل الاستخبارات الأميركية الأسبق وليام بلوم «دولة مارقة» بما ارتكبته من جرائم حرب بحق شعوب أميركا اللاتينية وفيتنام وكوريا واليابان وأخضعت الألمان بالقهر وهيمنت على القرار الغربي بشكل عام، وحكمت الدول الإفريقية ومعظم الدول العربية عبر الانقلابات العسكرية في بعض الدول أو عبر اتفاقات مع الحكام الآخرين ونهبت معظم خيرات هذه الدول وكل من تمرد عليها من الحكام إما انقلبوا عليه أو حتى قبضوا عليه وجروه للولايات المتحدة وحاكموه كمجرم مثل حاكم بنما نورييجا، غير أن هيمنتها على العالم بعد سقوط الاتحاد السوفياتي المنافس الرئيسي لها خلال سنوات الحرب الباردة أخذت أشكالا أخرى من الإفساد في الأرض حيث تمكنت بفضل التقدم التكنولوجي الهائل في كل مجالات الحياة من السيطرة على أذواق الناس واهتماماتهم في الطعام والشراب والمأكل والملبس وأسلوب الحياة بشكل عام حتى ما يتعلق بحياتهم الخاصة وذلك عبر أجهزة الاستخبارات والبحث العلمي والتقدم التكنولوجي والهواتف النقالة وبطاقات الائتمان وجعل الدولار عملة العالم والسينما ومطاعم الوجبات السريعة والجينز وكل أشكال الحياة الأخري، فأصبح الناس تحت رحمة الثقافة والرقابة الأميركية في كل حركاتهم وسكناتهم إلا من قبلوا التمرد على كل ماهو أميركي وهم قلة من الناس، وقبول هذه الحياة والعيش في ظلالها يعني انتهاء الخصوصية الحياتية والحرية الإنسانية.
ورغم أن هذا التقدم التكنولوجي الهائل يمكن أن يشكل فوائد لا حصر لها للبشرية إلا أنه بعد وقوعه في أيدي حلفاء الشيطان وأصبحوا هم الذين يحركونه فهذا يعني أنه سيكون طامة كبرى على البشر وهذا ما يحدث الآن، ولننظر إلى الإمكانات الهائلة التي تحت يد حاكم مثل ترامب ماذا يفعل بها؟ فمنذ وصل لسدة الحكم في الولايات المتحدة لم يتخذ قرارا صائبا ولم يعين شخصا نافعا في منصب وقام بتغيير معظم رجال إدارته أكثر من مرة علاوة على أن مناصب كثيرة لازالت فارغة لأنه لا يجد من هو على شاكلته ليملأها، وأصبح كل من حوله لا يعرفون ماهو القرار الذي يمكن أن يتخذه حينما يستيقظ فأصبح قطاع كبير من البشرية تحت رحمة رجل شبه مجنون يقابله في نفس الوقت حلفاء على شاكلته ولكن بحجم أصغر في منطقتنا مثلا بن زايد ودحلان وحفتر والسيسي والأسد والحوثي وصالح ونتانياهو وكثيرون غيرهم وجدوا القدوة في حليف الشيطان هذا فساروا على نهجه وتابعوا خطاه، وقد تجاوز هؤلاء وساوس الشيطان في كثير من الأحيان فأصبح الشيطان في بعض الأحيان يستحي من تصرفاتهم الإحرامية الرعناء التي يقومون بها في حق الشعوب والدول والتاريخ والحضارة والقيم الإنسانية التي ترسخت في المنطقة على مدار قرون طويلة ولذلك- إذا شاء الله- وطال أمد هؤلاء فإن القادم أسوأ وأسود مما نراه!

بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
17/10/2017
7946