+ A
A -
في عام 1980 طرحت قطر في مؤتمر وزراء العرب الذي انعقد في الدوحة، ورقة عمل تدعو فيها إلى قيام مؤسسة عربية متخصصة مهمتها أو ظيفتها الاساسية مخاطبة العقل الغربي، وترجمة الكتب العربية وإنتاج الافلام السينمائية والتليفزيونية وإرسال المحاضرين العرب إلى دول الغرب، والتغلغل في الصحف الكبرى وخلق لوبي عربي على غرار اللوبي الصهيوني في أوروبا وأميركا، وبينت هذه الورقة القطرية التي سبقت بها الآخرين ما يتعرض له العالم العربي عموما من تجريح وتحريض وأكاذيب من قبل الاعلام الغربي، وما تعانيه دول الخليج بشكل خاص من هجوم مبرمج، وذلك بسبب النعمة التي انعم الله عليها بها وهي «البترول» وتحميلها كل المصائب التي تحدث في الكون من بطالة واضطرابات وكساد اقتصادي.
وأكدت الورقة على: «أن هناك مصلحة استراتيجية قصوى للدول والشعوب العربية للتصدي لهذه الحملات، وكشف ما تنطوي عليه من زيف وتضليل متُـعمدين، وفي الوقت نفسه عرض الصورة الايجابية البديلة عن نهضة الشعوب العربية وتطورها، خاصة أنه يتوفر للعرب العنصران اللازمان المال والرجال، كما ان هناك حاجة لقيام مثل هذه المؤسسة العربية المتخصصة والتي ستهتم بضم الكفاءات القادرة على مخاطبة العقل الغربي من خلال جميع وسائل الاعلام المتاحة، وفق خطة شاملة يضعها خبراء أكفاء، وتقوم بتمويلها دول النفط» قدمت قطرهذه الورقة بنية طيبة لتصحيح صورتنا كعرب وخليجيين في الخارج، ولم تتوقع الدولة المضيفة صاحبة هذا المشروع النبيل انه سيأتي يوم تحتاج فيه إلى استخدام هذه الورقة لدحض الاكاذيب التي يروجها اعداء من الشرق لا من الغرب.. ومن الداخل لا من الخارج، أعداء أشد لؤما وشرا وخطرا عليها وعلى شعوبهم، اعداء يتشدقون بالحرية في المحافل ووسائل الاعلام التابعة لهم أو لأذنابهم، وهم لا يعرفون من الحرية سوى حرية الكذب والبطش والسجن والكراهية، ولاحقا ستدفع شعوبهم المغلوبة على أمرها أو المدجنة الثمن باهظا، وكيف لا يكون ذلك وسط واقع هش وملتبس باستمرار كما ذكر الاديب العراقي علي بدر في كتابه «حارس التبغ» الذي يستشرق مستقبل مثل هذه الشعوب إذ ما الذي يحفظ للكائن الحي كيانه الكامل المتصل بماضيه والذي يتماهى مع حقوقه وكرامته،في ظل واقع يتم فيه التلاعب بكل شيء وفق مقتضيات مزاجية تخضع لمتنفذ واحد أو اثنين أو ثلاثة.. متفذين وأصحاب قرار تفرغوا لافساد الذمم وزرع الفتنة وبث الفرقة ونهب مقدرات شعوبهم والطعن في وطنية كل من يخالف أو يعترض، وهم من ينطبق عليهم وصف عبدالرحمن الكواكبي في كتابه الشهير «طبائع الاستبداد» الغرور في الرأي، والآنفة من قبول النصيحة: «وما من مستبدٍّ سياسيّ إلى الآن إلا ويتَّخذ له صفة قدسيّة يشارك بها الله، أو تعطيه مقامَا ذا علاقة مع الله. ولا أقلَّ من أنْ يتَّخذ بطانة من خَدَمَةِ الدِّين يعينونه على ظلم النَّاس باسم الله، وأقلُّ ما يفعله المستبد تفريق الأمم إلى مذاهب وشيع متعادية تقاوم بعضها بعضاً، فتتهاتر قوَّة الأمّة ويذهب ريحها، فيخلو الجوّ للاستبداد ليبيض ويُفرِّخ، ولا يخفى على المستبدّ، مهما كان غبياً، أنْ لا استعباد ولا تعسف إلا مادامت الرّعية حمقاء تتخبط في ظلام العمى والجهل، وكلما زاد المستبد ظلما زاد خوفه من رعيته وحتى من حاشيته، وحتى من هواجسه وخيالاته.. أي من نفسه.

بقلم : وداد الكواري
copy short url   نسخ
18/10/2017
3204